كتاب: لسان العرب ***

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


شهذر‏:‏ الشِّهذارة، يذال معجمة‏:‏ الكثير الكلام، وقيل‏:‏ العَنِيف في السير‏.‏

ورجل شِهْذارة أَي فاحش، بالدال والذال جميعاً‏.‏

شور‏:‏ شارَ العسلَ يشُوره شَوْراً وشِياراً وشِيَارَة ومَشَاراً ومَشَارة‏:‏ استخرجه من الوَقْبَة واّحتَناه؛ قال ساعدة بن جؤية‏:‏

فَقَضَى مَشارتَهُ، وحَطَّ كأَنه *** حَلَقٌ ولم يَنْشَبْ بما يَتَسَبْسَبُ

وأَشَاره واشْتاره‏:‏ كَشَارَه‏.‏ أَبو عبيد‏:‏ شُرْت العسل واشْتَرْته اجْتَنَيْته وأَخذته من موضعه؛ قال الأَعشى‏:‏

كأَن جَنِيّاً من الزَّنْجبِيـ *** ـل، باتَ لِفِيها وأَرْياً مَشُورَا

شمر‏:‏ شُرْت العسل واشْتَرْتُه وأَشَرْتُه لغة‏.‏

يقال‏:‏ أَشِرْني على العسل أَي أَعِنِّي، كما يقال أَعْكِمْني؛ وأَنشد

أَبو عمرو لعدي بن زيد‏:‏

ومَلاهٍ قد تَلَهَّيْتُ بها، وقَصَرْتُ اليومَ في بيت عِذارِي

في سَمَاعٍ يأْذَنُ الشَّيْخُ له، وحَدِيثٍ مثْلِ ماذِيٍّ مُشارِ

ومعنى يأْذَن‏:‏ يستمع؛ كما قال قعنب بن أُمّ صاحب‏:‏

صُمٌّ إِذا سَمِعوا خَيْراً ذُكِرْتُ به، وِإِنْ ذُكِرْتُ بسُوء عندهم أَذِنُوا

أَوْ يَسْمَعُوا رِيبَةً طارُوا بها فَرَحاً

مِنِّي، وما سَمِعوا من صالح دَفَنُوا

والمَاذِيّ‏:‏ العسل الأَبيض‏.‏ والمُشَار‏:‏ المُجْتَنَى، وقيل‏:‏ مُشتار قد

أُعين على أَخذه، قال‏:‏ وأَنكرها الأَصمعي وكان يروي هذا البيت‏:‏ «مِثْلِ

ماذِيِّ مَشَار» بالإِضافة وفتح الميم‏.‏ قال‏:‏ والمَشَار الخَلِيَّة يُشْتار

منها‏.‏ والمَشَاوِر‏:‏ المَحابِض، والواحد مِشْوَرٌ، وهو عُود يكون مع

مُشْتار العسل‏.‏ وفي حديث عمر‏:‏ في الذي يُدْلي بحبْل ليَشْتَارَ عسلاً؛ شَار

العسل يَشُوره واشْتَاره يَشْتارُه‏:‏ اجتناه من خلاياه ومواضعه‏.‏ والشَّوْرُ‏:‏

العسل المَشُور، سُمّي بالمصدر؛ قال ساعدة بن جؤية‏:‏

فلّما دنا الإِفراد حَطَّ بِشَوْرِه، إِلى فَضَلاتٍ مُسْتَحِيرٍ جُمومُها

والمِشْوَار‏:‏ ما شار به‏.‏ والمِشْوَارة والشُّورة‏:‏ الموضع الذي تُعَسَّل

فيه النحل إِذا دَجَنَها‏.‏

والشَّارَة والشُّوْرَة‏:‏ الحُسْن والهيئة واللِّباس، وقيل‏:‏ الشُّوْرَة

الهيئة‏.‏ والشَّوْرَة، بفتح الشين‏:‏ اللِّباس؛ حكاه ثعلب، وفي الحديث‏:‏ أَنه

أَقبل رجل وعليه شُوْرَة حَسَنة؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هي بالضم، الجَمال

والحُسْن كأَنه من الشَّوْر عَرْض الشيء وإِظهاره؛ ويقال لها أَيضاً‏:‏

الشَّارَة، وهي الهيئة؛ ومنه الحديث‏:‏ أَن رجلاً أَتاه وعليه شَارَة حسَنة، وأَلِفُها مقلوبة عن الواو؛ ومنه حديث عاشوراء‏:‏ كانوا يتخذونه عِيداً

ويُلبسون نساءَهم فيه حُلِيَّهُم وشَارَتهم أَي لباسهم الحسَن الجميل‏.‏ وفي حديث

إِسلام عمرو بن العاص‏.‏ فدخل أَبو هريرة فَتَشايَرَه الناس أَي

اشْتَهَرُوه بأَبصارهم كأَنه من الشَّارَة، وهي الشَّارة الحسَنة‏.‏ والمِشْوَار‏:‏

المَنْظَر‏.‏ ورجل شَارٌ صارٌ، وشَيِّرٌ صَيِّرٌ‏:‏ حسَن الصورة والشَّوْرة، وقيل‏:‏ حسَن المَخْبَر عند التجربة، وإِنما ذلك على التشبيه بالمنظَر، أَي

أَنه في مخبره مثله في منظره‏.‏ ويقال‏:‏ ما أَحسن شَوَارَ الرجل وشَارَته

وشِيَارَه؛ يعني لباسه وهيئته وحسنه‏.‏ ويقال‏:‏ فلان حسن الشَّارَة والشَّوْرَة

إِذا كان حسن الهيئة‏.‏ ويقال‏:‏ فلان حسن الشَّوْرَة أَي حسن اللِّباس‏.‏

ويقال‏:‏ فلان حسن المِشْوَار، وليس لفلان مِشْوَار أَي مَنْظَر‏.‏ وقال

الأَصمعي‏:‏ حسن المِشْوَار أَي مُجَرَّبه وحَسَنٌ حين تجرّبه‏.‏ وقصيدة شَيِّرة أَي

حسناء‏.‏ وشيء مَشُورٌ أَي مُزَيِّنٌ؛ وأَنشد‏:‏

كأَن الجَراد يُغَنِّيَنه، يُباغِمْنَ ظَبْيَ الأَنيس المَشُورَا‏.‏

الفراء‏:‏ إِنه لحسن الصُّورة والشُّوْرَة، وإِنه لحسَن الشَّوْر

والشَّوَار، واحده شَوْرَة وشَوارة، أَي زِينته‏.‏ وشُرْتُه‏:‏ زَيَّنْتُه، فهو مَشُور‏.‏ والشَّارَة والشَّوْرَة‏:‏ السِّمَن‏.‏ الفراء‏:‏ شَار الرجلُ إِذا حسُن

وجهه، ورَاشَ إِذا استغنى‏.‏ أَبو زيد‏:‏ اسْتَشَار أَمرُه إِذا تبيَّن

واسْتَنار‏.‏ والشَّارَة والشَّوْرة‏:‏ السِّمَن‏.‏ واسْتَشَارَتِ الإِبل‏:‏ لبست سِمَناً

وحُسْناً ويقال‏:‏ اشتارت الإِبل إِذا لَبِسها شيء من السِّمَن وسَمِنَتْ

بعض السِّمَن وفرس شَيِّر وخيل شِيارٌ‏:‏ مثل جَيّد وجِياد‏.‏ ويقال‏:‏ جاءت

الإِبل شِياراً أَي سِماناً حِساناً؛ وقال عمرو ابن معد يكرب‏:‏

أَعَبَّاسُ، لو كانت شِياراً جِيادُنا، بِتَثْلِيثَ، ما ناصَبْتَ بعدي الأَحامِسَا

والشِّوَار والشَّارَة‏:‏ اللباس والهيئة؛ قال زهير‏:‏

مُقْوَرَّة تَتَبارَى لا شَوارَ لها

إِلا القُطُوعُ على الأَجْوازِ والوُرُك‏.‏

ورجل حسن الصُّورة والشُّوْرَة وإِنه لَصَيِّر شَيِّر أَي حسن الصورة

والشَّارة، وهي الهيئة؛ عن الفراء‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه رأَى امرأَة شَيِّرَة

وعليها مَناجِد؛ أَي حسنة الشَّارة، وقيل‏:‏ جميلة‏.‏ وخيلٌ شِيار‏:‏ سِمان

حِسان‏.‏ وأَخذت الدابة مِشْوَارها ومَشَارَتَها‏:‏ سَمِنت وحسُنت هيئتها؛ قال‏:‏ولا هِيَ إِلا أَن تُقَرِّبَ وَصْلَها

عَلاةٌ كِنازُ اللّحم، ذاتُ مَشَارَةِ

أَبو عمرو‏:‏ المُسْتَشِير السَّمِين‏.‏ واسْتَشار البعيرُ مثل اشْتار أَي

سَمِن، وكذلك المُسْتَشيط‏.‏ وقد شَار الفرسُ أَي سَمِن وحسُن‏.‏ الأَصمَعي‏:‏

شارَ الدَّابَّة وهو يَشُورها شَوْراً إِذا عَرَضَها‏.‏ والمِشْوار‏:‏ ما

أَبقت الدابَّة من علَفها، وقد نَشْوَرَتْ نِشْواراً، لأَن نفعلت‏.‏ بناء لا يعرف إِلا

أَن يكون فَعْوَلَتْ، فيكون من غير هذا الباب‏.‏ قال الخليل‏:‏ سأَلت أَبا

الدُّقَيْش عنه قلت‏:‏ نِشْوار أَو مِشْوار‏؟‏ فقال‏:‏ نِشْوار، وزعم أَنه

فارسي‏.‏ شَارها يَشُورها شَوْراً وشِواراً وشَوَّرَها وأَشارَها؛ عن ثعلب، قال‏:‏

وهي قليلة، كلُّ ذلك‏:‏ رَاضَها أَو رَكِبها عند العَرْض على مُشْترِيها، وقيل‏:‏ عَرَضها للبيع، وقيل‏:‏ بَلاها ينظُر ما عندها، وقيل‏:‏ قلَّبها؛ وكذلك

الأَمَة، يقال‏:‏ شُرْت الدَّابة والأَمة أَشُورُهما شَوْراً إِذا

قلَّبتهما، وكذلك شَوَّرْتُهُما وأَشَرْتهما، وهي قليلة‏.‏ والتَّشْوِير‏:‏ أن تُشَوِّرَ الدابة تنظرُ كيف مِشْوارها أَي كيف سَيْرَتُها‏.‏ ويقال للمكان الذي

تُشَوَّرُ فيه الدَّوابّ وتعرَض‏:‏ المِشْوَار‏.‏ يقال‏:‏ أَياك والخُطَب

فإِنها مِشْوارٌ كثير العِثَارِ‏.‏ وشُرْت الدَّابة شَوْراً‏:‏ عَرَضْتها على

البيع أَقبلت بها وأَدبرت‏.‏ وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه‏:‏ أَنه ركب

فَرساً يَشُوره أَي يَعْرِضُه‏.‏ يقال‏:‏ شَارَ الدَّابة يشُورها إِذا عَرَضها

لِتُباع؛ ومنه حديث أَبي طَلْحَةَ‏:‏ أَنه كان يَشُور نفسه بين يَدَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَي يعرِضُها على القَتْل، والقَتْل في سبيل الله بَيْع النفس؛ وقيل‏:‏ يَشُور نفسه أَي يَسْعى ويَخِفُّ يُظهر بذلك

قوَّته‏.‏ ويقال‏:‏ شُرْت الدابة إِذا أَجْرَيْتها لتعرف قُوَّتها؛ وفي رواية‏:‏ أَنه

كان يَشُور نفسه على غُرْلَتِه أَي وهو صبيٌّ، والغُرْلَة‏:‏ القُلْفَةُ‏.‏

واشْتار الفحل الناقة‏:‏ كَرَفَها فنظر إِليها لاقِح هي أَم لا‏.‏ أَبو

عبيد‏:‏ كَرَف الفحل الناقة وشافَها واسْتَشارها بمعنى واحد؛ قال الراجز‏:‏

إِذا اسْتَشارَ العَائطَ الأَبِيَّا

والمُسْتَشِير‏:‏ الذي يَعرِف الحائِلَ من غيرها، وفي التهذيب‏:‏ الفَحْل

الذي يعرِف الحائِل من غيرها؛ عن الأُموي، قال‏:‏

أَفزَّ عنها كلّ مُسْتَشِيرِ، وكلّ بَكْرٍ دَاعِرٍ مِئْشيرِ

مِئْشير‏:‏ مِفْعِيل من الأَشَر‏.‏

والشَّوَارُ والشَِوَرُ والشُّوَار؛ الضم عن ثعلب‏.‏ مَتاع البيت، وكذلك

الشَّوَار لِمتَاع الرَّحْل، بالحاء‏.‏ وفي حديث ابن اللُّتْبِيَّة‏:‏ أَنه

جاء بشَوَار كَثِيرٍ، هو بالفتح، مَتاع البَيْت‏.‏ وشَوار الرجُل‏:‏ ذكَره

وخُصْياه واسْتُه‏.‏ وفي الدعاء‏:‏ أَبْدَى الله شُواره؛ الضم لغة عن ثعلب، أَي

عَوْرَته، وقيل‏:‏ يعني مَذاكِيره‏.‏ والشَّوار‏:‏ فرج المرأَة والرجُل؛ ومنه

قيل‏:‏ شَوَّر به كأَنه أَبْدَى عَوْرَته‏.‏ ويقال في مَثَلٍ‏:‏ أَشْوَارَ عَروسٍ

تَرَى‏؟‏ وشَوَّرَ به‏:‏ فعَل به فِعْلاً يُسْتَحْيا منه، وهو من ذلك‏.‏

وتَشَوَّرَ هو‏:‏ خَجِل؛ حكاها يعقوب وثعلب‏.‏ قال يعقوب‏:‏ ضَرَطَ أَعرابيّ

فَتَشَوَّر، فأَشار بإِبْهامه نحوَ اسْتِه وقال‏:‏ إِنها خَلْفٌ نطقَتْ خَلْفاً، وكرهها بعضهم فقال‏:‏ ليست بعربِيَّة‏.‏ اللحياني‏:‏ شَوَّرْت الرجلَ وبالرجل

فَتَشَوَّر إِذا خَجَّلْته فَخَجِل، وقد تشوَّر الرجل‏.‏

والشَّوْرَة‏:‏ الجَمال الرائِع‏.‏ والشَّوْرَة‏:‏ الخَجْلَة‏.‏

والشَّيِّرُ‏:‏ الجَمِيل‏.‏ والمَشارة‏:‏ الدَّبْرَة التي في المَزْرَعة‏.‏ ابن سيده‏:‏ المَشارة الدَّبْرَة المقطعة لِلزِّراعة والغِراسَة؛ قال‏:‏ يجوز أن تكون من هذا الباب وأَن تكون من المَشْرَة‏.‏

وأَشار إِليه وشَوَّر‏:‏ أَومَأَ، يكون ذلك بالكفِّ والعين والحاجب؛ أَنشد

ثعلب‏:‏

نُسِرُّ الهَوَى إِلاَّ إِشارَة حاجِبٍ

هُناك، وإِلاَّ أَن تُشِير الأَصابِعُ

وشَوَّر إِليه بيده أَي أَشارَ؛ عن ابن السكيت، وفي الحديث‏:‏ كان يُشِير

في الصلاة؛ أَي يُومِئ باليد والرأْس أَي يأْمُرُ ويَنْهَى بالإِشارة؛ ومنه قوله لِلَّذى كان يُشير بأُصبعه في الدُّعاء‏:‏ أَحِّدْ أَحِّدْ؛ ومنه

الحديث‏:‏ كان إِذا أَشار بكفِّه أَشارَ بها كلِّها؛ أَراد أن إِشارَاتِه كلَّها مختلِفة، فما كان منها في ذِكْر التوحيد والتشهُّد فإِنه كان

يُشِير بالمُسبِّحَة وحْدها، وما كان في غير ذلك كان يُشِير بكفِّه كلها

ليكون بين الإِشارَتَيْن فرْق، ومنه‏:‏ وإِذا تحَدَّث اتَّصل بها أَي وصَلَ

حَدِيثَه بإِشارة تؤكِّده‏.‏ وفي حديث عائشة‏:‏ مَنْ أَشار إِلى مؤمن بحدِيدة

يريد قتلَه فقد وَجَب دَمُه أَي حلَّ للمقصود بها أَن يدفعَه عن نفسه ولو

قَتَلَه‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ وَجَب هنا بمعنى حلَّ‏.‏ والمُشِيرَةُ‏:‏ هي

الإِصْبَع التي يقال لها السَّبَّابَة، وهو منه‏.‏ ويقال للسَّبَّابَتين‏:‏

المُشِيرَتان‏.‏ وأَشار عليه بأَمْرِ كذا‏:‏ أَمَرَه به‏.‏

وهيَ الشُّورَى والمَشُورَة، بضم الشين، مَفْعُلَة ولا تكون مَفْعُولَة

لأَنها مصدر، والمَصادِر لا تَجِيء على مثال مَفْعُولة، وإِن جاءت على

مِثال مَفْعُول، وكذلك المَشْوَرَة؛ وتقول منه‏:‏ شَاوَرْتُه في الأَمر

واسْتشرته بمعنى‏.‏ وفلان خَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي يصلُح لِلْمُشاورَة‏.‏ وشاوَرَه

مُشاوَرَة وشِوَاراً واسْتَشاره‏:‏ طَلَب منه المَشُورَة‏.‏ وأَشار الرجل

يُشِيرُ إِشارَةً إِذا أَوْمَأَ بيديْه‏.‏ ويقال‏:‏ شَوَّرْت إِليه بِيَدِي وأَشرت

إِليه أَي لَوَّحْت إِليه وأَلَحْتُ أَيضاً‏.‏ وأَشارَ إِليه باليَدِ‏:‏

أَوْمأَ، وأَشارَ عليه بالرَّأْيِ‏.‏ وأَشار يُشِير إِذا ما وَجَّه الرَّأْي‏.‏

ويقال‏:‏ فلان جيِّد المَشُورة والمَشْوَرَة، لغتان‏.‏ قال الفراء‏:‏ المَشُورة

أَصلها مَشْوَرَة ثم نقلت إِلى مَشُورة لخفَّتها‏.‏ اللَّيث‏:‏ المَشْوَرَة

مفْعَلَة اشتُقَّ من الإِشارة، ويقال‏:‏ مَشُورة‏.‏ أَبو سعيد‏:‏ يقال فلان

وَزِيرُ فلان وشيِّرُه أَي مُشاورُه، وجمعه شُوَرَاءُ‏.‏ وأَشَارَ النَّار

وأَشارَ بِها وأَشْوَرَ بها وشَوَّرَ بها‏:‏ رفعَها‏.‏

وحَرَّة شَوْرَان‏:‏ إِحْدَى الحِرَارِ في بلاد العرَب، وهي معروفة‏.‏

والقَعْقاعُ بن شَوْر‏:‏ رجُلٌ من بَنِي عَمْرو بن شَيْبان بن ذُهْل بن ثعلبة؛ وفي حديث ظبيان‏:‏ وهمُ الَّذِينَ خَطُّوا مَشائِرَها أَي ديارَها، الواحدة

مَشارَة، وهي من الشَّارة، مَفْعَلَة، والميم زائدة‏.‏

مِئْشير‏:‏ مِفْعِيل من الأَشَر‏.‏

والشَّوَارُ والشَِوَرُ والشُّوَار؛ الضم عن ثعلب‏.‏ مَتاع البيت، وكذلك

الشَّوَار لِمتَاع الرَّحْل، بالحاء‏.‏ وفي حديث ابن اللُّتْبِيَّة‏:‏ أَنه

جاء بشَوَار كَثِيرٍ، هو بالفتح، مَتاع البَيْت‏.‏ وشَوار الرجُل‏:‏ ذكَره

وخُصْياه واسْتُه‏.‏ وفي الدعاء‏:‏ أَبْدَى الله شُواره؛ الضم لغة عن ثعلب، أَي

عَوْرَته، وقيل‏:‏ يعني مَذاكِيره‏.‏ والشَّوار‏:‏ فرج المرأَة والرجُل؛ ومنه

قيل‏:‏ شَوَّر به كأَنه أَبْدَى عَوْرَته‏.‏ ويقال في مَثَلٍ‏:‏ أَشْوَارَ عَروسٍ

تَرَى‏؟‏ وشَوَّرَ به‏:‏ فعَل به فِعْلاً يُسْتَحْيا منه، وهو من ذلك‏.‏

وتَشَوَّرَ هو‏:‏ خَجِل؛ حكاها يعقوب وثعلب‏.‏ قال يعقوب‏:‏ ضَرَطَ أَعرابيّ

فَتَشَوَّر، فأَشار بإِبْهامه نحوَ اسْتِه وقال‏:‏ إِنها خَلْفٌ نطقَتْ خَلْفاً، وكرهها بعضهم فقال‏:‏ ليست بعربِيَّة‏.‏ اللحياني‏:‏ شَوَّرْت الرجلَ وبالرجل

فَتَشَوَّر إِذا خَجَّلْته فَخَجِل، وقد تشوَّر الرجل‏.‏

والشَّوْرَة‏:‏ الجَمال الرائِع‏.‏ والشَّوْرَة‏:‏ الخَجْلَة‏.‏

والشَّيِّرُ‏:‏ الجَمِيل‏.‏ والمَشارة‏:‏ الدَّبْرَة التي في المَزْرَعة‏.‏ ابن سيده‏:‏ المَشارة الدَّبْرَة المقطعة لِلزِّراعة والغِراسَة؛ قال‏:‏ يجوز أن تكون من هذا الباب وأَن تكون من المَشْرَة‏.‏

وأَشار إِليه وشَوَّر‏:‏ أَومَأَ، يكون ذلك بالكفِّ والعين والحاجب؛ أَنشد

ثعلب‏:‏

نُسِرُّ الهَوَى إِلاَّ إِشارَة حاجِبٍ

هُناك، وإِلاَّ أَن تُشِير الأَصابِعُ

وشَوَّر إِليه بيده أَي أَشارَ؛ عن ابن السكيت، وفي الحديث‏:‏ كان يُشِير

في الصلاة؛ أَي يُومِئ باليد والرأْس أَي يأْمُرُ ويَنْهَى بالإِشارة؛ ومنه قوله لِلَّذى كان يُشير بأُصبعه في الدُّعاء‏:‏ أَحِّدْ أَحِّدْ؛ ومنه

الحديث‏:‏ كان إِذا أَشار بكفِّه أَشارَ بها كلِّها؛ أَراد أن إِشارَاتِه كلَّها مختلِفة، فما كان منها في ذِكْر التوحيد والتشهُّد فإِنه كان

يُشِير بالمُسبِّحَة وحْدها، وما كان في غير ذلك كان يُشِير بكفِّه كلها

ليكون بين الإِشارَتَيْن فرْق، ومنه‏:‏ وإِذا تحَدَّث اتَّصل بها أَي وصَلَ

حَدِيثَه بإِشارة تؤكِّده‏.‏ وفي حديث عائشة‏:‏ مَنْ أَشار إِلى مؤمن بحدِيدة

يريد قتلَه فقد وَجَب دَمُه أَي حلَّ للمقصود بها أَن يدفعَه عن نفسه ولو

قَتَلَه‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ وَجَب هنا بمعنى حلَّ‏.‏ والمُشِيرَةُ‏:‏ هي

الإِصْبَع التي يقال لها السَّبَّابَة، وهو منه‏.‏ ويقال للسَّبَّابَتين‏:‏

المُشِيرَتان‏.‏ وأَشار عليه بأَمْرِ كذا‏:‏ أَمَرَه به‏.‏

وهيَ الشُّورَى والمَشُورَة، بضم الشين، مَفْعُلَة ولا تكون مَفْعُولَة

لأَنها مصدر، والمَصادِر لا تَجِيء على مثال مَفْعُولة، وإِن جاءت على

مِثال مَفْعُول، وكذلك المَشْوَرَة؛ وتقول منه‏:‏ شَاوَرْتُه في الأَمر

واسْتشرته بمعنى‏.‏ وفلان خَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي يصلُح لِلْمُشاورَة‏.‏ وشاوَرَه

مُشاوَرَة وشِوَاراً واسْتَشاره‏:‏ طَلَب منه المَشُورَة‏.‏ وأَشار الرجل

يُشِيرُ إِشارَةً إِذا أَوْمَأَ بيديْه‏.‏ ويقال‏:‏ شَوَّرْت إِليه بِيَدِي وأَشرت

إِليه أَي لَوَّحْت إِليه وأَلَحْتُ أَيضاً‏.‏ وأَشارَ إِليه باليَدِ‏:‏

أَوْمأَ، وأَشارَ عليه بالرَّأْيِ‏.‏ وأَشار يُشِير إِذا ما وَجَّه الرَّأْي‏.‏

ويقال‏:‏ فلان جيِّد المَشُورة والمَشْوَرَة، لغتان‏.‏ قال الفراء‏:‏ المَشُورة

أَصلها مَشْوَرَة ثم نقلت إِلى مَشُورة لخفَّتها‏.‏ اللَّيث‏:‏ المَشْوَرَة

مفْعَلَة اشتُقَّ من الإِشارة، ويقال‏:‏ مَشُورة‏.‏ أَبو سعيد‏:‏ يقال فلان

وَزِيرُ فلان وشيِّرُه أَي مُشاورُه، وجمعه شُوَرَاءُ‏.‏ وأَشَارَ النَّار

وأَشارَ بِها وأَشْوَرَ بها وشَوَّرَ بها‏:‏ رفعَها‏.‏

وحَرَّة شَوْرَان‏:‏ إِحْدَى الحِرَارِ في بلاد العرَب، وهي معروفة‏.‏

والقَعْقاعُ بن شَوْر‏:‏ رجُلٌ من بَنِي عَمْرو بن شَيْبان بن ذُهْل بن ثعلبة؛ وفي حديث ظبيان‏:‏ وهمُ الَّذِينَ خَطُّوا مَشائِرَها أَي ديارَها، الواحدة

مَشارَة، وهي من الشَّارة، مَفْعَلَة، والميم زائدة‏.‏

صأر‏:‏ صَوْأَرٌ‏:‏ مَوْضِع عاقَر فيه سُحَيم بن وَثِيلٍ الرّياحي غَالِبَ

بن صَعْصَعَة أَبا الفَرَزْدَق فعقر سُحَيم خَمْساً ثم بَدَا لَهُ وعَقَرَ

غالِب مائة؛ قال جرير‏:‏

لَقَدْ سَرَّني أَنْ لا تَعُدَّ مُجاشِعٌ، من الفَخْرِ، إِلاَّ عَقْرَ نِيبٍ بِصَوْأَرِ

صبر‏:‏ في أَسماء الله تعالى‏:‏ الصَّبُور تعالى وتقدَّس، هو الذي لا

يُعاجِل العُصاة بالانْتقامِ، وهو من أَبنية المُبالَغة، ومعناه قَرِيب من مَعْنَى الحَلِيم، والفرْق بينهما أَن المُذنِب لا يأْمَنُ العُقوبة في صِفَة

الصَّبُور كما يأْمَنُها في صِفَة الحَلِيم‏.‏ ابن سيده‏:‏ صَبَرَه عن الشيء

يَصْبِرُه صَبْراً حَبَسَه؛ قال الحطيئة‏:‏

قُلْتُ لها أَصْبِرُها جاهِداً‏:‏

وَيْحَك، أَمْثالُ طَرِيفٍ قَلِيلْ

والصَّبْرُ‏:‏ نَصْب الإِنسان للقَتْل، فهو مَصْبُور‏.‏ وصَبْرُ الإِنسان

على القَتْل‏:‏ نَصْبُه عليه‏.‏ يقال‏:‏ قَتَلَه صَبْراً، وقد صَبَره عليه وقد

نَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنْ تُصْبَرَ الرُّوح‏.‏ ورجل

صَبُورَة، بالهاء‏:‏ مَصْبُور للقتل؛ حكاه ثعلب‏.‏ وفي حديث النبي، صلى الله عليه

وسلم، أَنه نَهَى عن قَتْل شيء من الدَّوابّ صَبْراً؛ قيل‏:‏ هو أَن يُمْسك

الطائرُ أَو غيرُه من ذواتِ الرُّوح يُصْبَر حَيّاً ثم يُرْمَى بشيء حتى

يُقْتَل؛ قال‏:‏ وأَصل الصَّبْر الحَبْس، وكل من حَبَس شيئاً فقد صَبَرَه؛ ومنه الحديث‏:‏ نهى عن المَصْبُورة ونَهَى عن صَبْرِ ذِي الرُّوح؛ والمَصبُورة التي نهى عنها؛ هي المَحْبُوسَة على المَوْت‏.‏ وكل ذي روح يصبر حيّاً

ثم يرمى حتى يقتل، فقد، قتل صبراً‏.‏ وفي الحديث الآخر في رَجُل أَمسَك

رجُلاً وقَتَلَه آخر فقال‏:‏ اقْتُلُوا القاتل واصْبُروا الصَّابرَ؛ يعني

احْبِسُوا الذي حَبَسَه للموْت حتى يَمُوت كفِعْلِهِ به؛ ومنه قيل للرجُل

يقدَّم فيضربَ عنقه‏:‏ قُتِل صَبْراً؛ يعني أَنه أُمسِك على المَوْت، وكذلك لو

حَبَس رجُل نفسَه على شيء يُرِيدُه قال‏:‏ صَبَرْتُ نفسِي؛ قال عنترة يذكُر

حرْباً كان فيها‏:‏

فَصَبَرْتُ عارِفَةً لذلك حُرَّةً

تَرْسُو، إِذا نَفْسُ الجبان تَطَلَّعُ

يقول‏:‏ حَبَست نفساً صابِرة‏.‏ قال أَبو عبيد‏:‏ يقول إِنه حَبَس نفسَه، وكلُّ من قُتِل في غير مَعْرَكة ولا حَرْب ولا خَطَإٍ، فإِنه مَقْتول

صَبْراً‏.‏ وفي حديث ابن مسعود‏:‏ أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عن

صَبْرِ الرُّوح، وهو الخِصاءُ، والخِصاءُ صَبْرٌ شديد؛ ومن هذا يَمِينُ

الصَّبْرِ، وهو أَن يحبِسَه السلطان على اليمين حتى يحلِف بها، فلو حلَف

إِنسان من غيرِ إِحلاف ما قيل‏:‏ حلَف صَبْراً‏.‏ وفي الحديث‏:‏ مَنْ حَلَف على

يَمِين مَصْبُورَةٍ كاذِباً، وفي آخر‏:‏ على يَمِينِ صَبْرٍ أَي أُلْزِم بها

وحُبِس عليها وكانت لازِمَة لصاحِبها من جِهَة الحَكَم، وقيل لها مَصْبُورة

وإِن كان صاحِبُها في الحقيقة هو المَصْبُور لأَنه إِنما صُبِرَ من أَجْلِها أَي حُبس، فوُصِفت بالصَّبْر وأُضيفت إِليه مجازاً؛ والمَصْبورة‏:‏ هي

اليَمِين، والصَّبْر‏:‏ أَن تأْخذ يَمِين إِنسان‏.‏ تقول‏:‏ صَبَرْتُ يَمِينه

أَي حلَّفته‏.‏ وكلُّ من حَبَسْتَه لقَتلٍ أَو يَمِين، فهو قتلُ صَبْرٍ‏.‏

والصَّبْرُ‏:‏ الإِكراه‏.‏ يقال‏:‏ صَبَرَ الحاكم فُلاناً على يَمين صَبْراً أَي

أَكرهه‏.‏ وصَبَرْت الرَّجل إِذا حَلَّفته صَبْراً أَو قتلتَه صَبْراً‏.‏

يقال‏:‏ قُتِل فلانٌ صَبْراً وحُلِّف صَبْراً إِذا حُبِس‏.‏ وصَبَرَه‏:‏ أَحْلَفه

يَمِين صَبْرٍ يَصْبِرُه‏.‏ ابن سيده‏:‏ ويَمِين الصَّبْرِ التي يُمْسِكُكَ

الحَكَم عليها حتى تَحْلِف؛ وقد حَلَف صَبْراً؛ أَنشد ثعلب‏:‏

فَأَوْجِعِ الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرَا، أَو يُبْلِيَ اللهُ يَمِيناً صَبْرَا

وصَبَرَ الرجلَ يَصْبِرُه‏:‏ لَزِمَه‏.‏

والصَّبْرُ‏:‏ نقِيض الجَزَع، صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْراً، فهو صابِرٌ

وصَبَّار وصَبِيرٌ وصَبُور، والأُنثى صَبُور أَيضاً، بغير هاء، وجمعه صُبُرٌ‏.‏

الجوهري‏:‏ الصَّبر حَبْس النفس عند الجزَع، وقد صَبَرَ فلان عند المُصِيبة

يَصْبِرُ صَبْراً، وصَبَرْتُه أَنا‏:‏ حَبَسْته‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ واصْبِرْ

نفسَك مع الذينَ يَدْعُون رَبَّهم‏.‏ والتَّصَبُّرُ‏:‏ تكلُّف الصَّبْرِ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي‏:‏

أَرَى أُمَّ زَيْدٍ كُلَّمَا جَنَّ لَيْلُها

تُبَكِّي على زَيْدٍ، ولَيْسَتْ بَأَصْبَرَا

أَراد‏:‏ وليست بأَصْبَرَ من ابنها، بل ابنها أَصْبَرُ منها لأَنه عاقٌّ

والعاقُّ أَصبَرُ من أَبَوَيْهِ‏.‏ وتَصَبَّر وآصْطَبَرَ‏:‏ جعل له صَبْراً‏.‏

وتقول‏:‏ آصْطَبَرْتُ ولا تقول اطَّبَرْتُ لأَن الصاد لا تدغم في الطاء، فإِن أَردت الإِدغام قلبت الطاء صاداً وقلت اصَّبَرْتُ‏.‏ وفي الحديث عن

النبي صلى الله عليه وسلم أَن الله تعالى قال‏:‏ إِنِّي أَنا الصَّبُور؛ قال

أَبو إِسحق‏:‏ الصَّبُور في صفة الله عز وجلّ الحَلِيم‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لا

أَحَدَ أَصْبَرُ على أَذًى يَسْمَعُه من الله عزَّ وجلَّ؛ أَي أَشدّ حِلْماً

على فاعِل ذلك وترك المُعاقبة عليه‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ وتَتَواصَوْا

بالصَّبْرِ؛ معناه‏:‏ وتَوَاصَوْا بالصبر على طاعة الله والصَّبْرِ على الدخول في مَعاصِيه‏.‏ والصَّبْرُ‏:‏ الجَراءة؛ ومنه قوله عز وجلّ‏:‏ فما أَصْبَرَهُمْ على

النار؛ أَي ما أَجْرَأَهُم على أَعمال أَهل النار‏.‏ قال أَبو عمرو‏:‏ سأَلت

الحليحي عن الصبر فقال‏:‏ ثلاثة أَنواع‏:‏ الصَّبْرُ على طاعة الجَبَّار، والصَّبْرُ على معاصِي‏.‏ الجَبَّار، والصَّبر على الصَّبر على طاعته وتَرْك معصيته‏.‏

وقال ابن الأَعرابي‏:‏ قال عُمر‏:‏ أَفضل الصَّبر التَّصَبر‏.‏ وقوله‏:‏ فَصَبْرٌ

جَمِيل؛ أَي صَبْرِي صَبْرٌ جَمِيل‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ اصْبِرُوا وصَابِرُوا؛ أَي اصْبِرُوا واثْبُتُوا على دِينِكم، وصابروا أَي صابروا أَعداءَكُم

في الجِهاد‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ اسْتَعِينوا بالصَّبْرِ؛ أَي بالثبات على ما

أَنتم عليه من الإِيمان‏.‏ وشَهْرُ الصَّبْرِ‏:‏ شهر الصَّوْم‏.‏ وفي حديث

الصَّوْم‏:‏ صُمْ شَهْرَ الصَّبْر؛ هُوَ شهرُ رمضان وأَصل الصَّبْرِ الحَبْس، وسُمِّي الصومُ صَبْراً لِمَا فيه من حَبْس النفس عن الطَّعام والشَّرَاب

والنِّكاح‏.‏ وصَبَرَ به يَصْبُرُ صَبْراً‏:‏ كَفَلَ، وهو بِهِ صَبِيرٌ

والصَّبِيرُ‏:‏ الكَفِيل؛ تقول منه‏:‏ صَبَرْتُ أَصْبُرُ، بالضَّم، صَبْراً وصَبَارة

أَي كَفَلْت به، تقول منه‏:‏ اصْبُرْني يا رجل أَي أَعْطِنِي كَفِيلاً‏.‏

وفي حديث الحسَن‏:‏ مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً فَلا يأْخُذَنَّ به رَهْناً ولا

صَبِيراً؛ هو الكفِيل‏.‏ وصَبِير القوم‏:‏ زَعِيمُهم المُقَدَّم في أُمُورِهم، والجمع صُبَراء‏.‏ والصَّبِيرُ‏:‏ السحاب الأَبيض الذي يصبرُ بعضه فوق بعض

درجاً؛ قال يصِف جَيْشاً‏:‏

كَكِرْفِئَة الغَيْث ذاتِ الصبِير

قال ابن بري‏:‏ هذا الصدر يحتمل أَن يكون صدراً لبيت عامر بن جوين الطائي

من أَبيات‏:‏

وجارِيَةٍ من بَنَات المُلُو

ك، قَعْقَعْتُ بالخيْل خَلْخالَها

كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيـ *** ـرِ، تأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَها

قال‏:‏ أَي رُبَّ جارية من بَنات المُلُوك قَعْقَعتُ خَلْخَالَها لَمَّا

أَغَرْت عليهم فهَرَبَتْ وعَدَت فسُمِع صَوْت خَلْخَالِها، ولم تكن قبل

ذلك تَعْدُو‏.‏ وقوله‏:‏ كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ أَي هذه الجارية

كالسَّحابة البَيْضاء الكَثِيفة تأْتي السَّحاب أَي تقصِدُ إِلى جُمْلَة

السَّحاب‏.‏ وتأْتالُه أَي تُصْلِحُه، وأَصله تأْتَوِلُهُ من الأَوْل وهو الإِصْلاح، ونصب تأْتالَها على الجواب؛ قال ومثله قول لبيد‏:‏

بِصَبُوحِ صَافِيَة وجَذْب كَرِينَةٍ، بِمُوَتَّرٍ تَأْتالُه إِبهامُها

أَي تُصْلِح هذه الكَرِينَة، وهي المُغَنِّية، أَوْتار عُودِها

بِإِبْهامِها؛ وأَصله تَأْتَوِلُه إِبْهامُها فقلبت الواو أَلفاً لتحركها وانفتاح

ما قبلها؛ قال‏:‏ وقد يحتمل أَن يكون كَكِرْفِئَة الغيْث ذات الصبير

للْخَنْسَاء، وعجزه‏:‏

تَرْمِي السَّحابَ ويَرْمِي لَها

وقبله‏:‏

ورَجْراجَة فَوْقَها بَيْضُنا، عليها المُضَاعَفُ، زُفْنا لَها

والصَّبِير‏:‏ السحاب الأَبيض لا يكاد يُمطِر؛ قال رُشَيْد بن رُمَيْض

العَنَزيّ‏:‏

تَرُوح إِليهمُ عَكَرٌ تَراغَى، كأَن دَوِيَّها رَعْدُ الصَّبِير

الفراء‏:‏ الأَصْبار السحائب البيض، الواحد صِبْر وصُبْر، بالكسر والضم‏.‏

والصَّبِير‏:‏ السحابة البيضاء، وقيل‏:‏ هي القطعة من السحابة تراها كأَنها

مَصْبُورة أَي محبُوسة، وهذا ضعيف‏.‏ قال أَبو حنيفة‏:‏ الصَّبير السحاب يثبت

يوماً وليلة ولا يبرَح كأَنه يُصْبَرُ أَي يحبس، وقيل‏:‏ الصَّبِير السحاب

الأَبيض، والجمع كالواحد، وقيل‏:‏ جمعه صُبُرٌ؛ قال ساعدة بن جؤية‏:‏

فارْمِ بِهم لِيَّةَ والأَخْلافا، جَوْزَ النُّعامَى صُبُراً خِفافا

والصُّبَارة من السحاب‏:‏ كالصَّبِير‏.‏

وصَبَرَه‏:‏ أَوْثقه‏.‏ وفي حديث عَمَّار حين ضرَبه عُثمان‏:‏ فلمَّا عُوتِب

في ضَرْبه أَياه قال‏:‏ هذه يَدِي لِعَمَّار فَلْيَصْطَبِر؛ معناه فليقتصّ‏.‏

يقال‏:‏ صَبَرَ فلان فلاناً لوليّ فلان أَي حبسه، وأَصْبَرَه أَقَصَّه منه

فاصْطَبر أَي اقتصَّ‏.‏ الأَحمر‏:‏ أَقادَ السلطان فلاناً وأَقَصَّه

وأَصْبَرَه بمعنى واحد إِذا قَتَلَه بِقَوَد، وأَباءَهُ مثلهُ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم طَعَن إِنساناً بقضِيب مُدَاعَبة فقال له‏:‏

أَصْبِرْني، قال‏:‏ اصْطَبر، أَي أَقِدْني من نفسك، قال‏:‏ اسْتَقِدْ‏.‏ يقال‏:‏

صَبَر فلان من خصْمه واصْطَبَر أَي اقتصَّ منه‏.‏ وأَصْبَرَه الحاكم أَي

أَقصَّه من خصْمه‏.‏

وصَبِيرُ الخُوانِ‏:‏ رُقَاقَة عَرِيضَة تُبْسَطُ تحت ما يؤكل من الطعام‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ أَصْبَرَ الرجل إِذا أَكل الصَّبِيرَة، وهي الرُّقاقة

التي يَغْرُِفُ عليها الخَبَُاز طَعام العُرْس‏.‏

والأَصْبَِرةُ من الغَنَم والإِبل؛ قال ابن سيده ولم أَسمع لها بواحد‏:‏

التي تَرُوح وتَغْدُو على أَهلها لا تَعْزُب عنهم؛ وروي بيت عنترة‏:‏

لها بالصَّيْف أَصْبِرَةٌ وجُلّ، وسِتُّ من كَرائِمِها غِزَارُ

الصَّبرُ والصُّبْرُ‏:‏ جانب الشيء، وبُصْره مثلُه، وهو حَرْف الشيء

وغِلَظه‏.‏ والصَّبْرُ والصُّبْرُ‏:‏ ناحية الشيء وحَرْفُه، وجمعه أَصْبار‏.‏

وصُبْرُ الشيء‏:‏ أَعلاه‏.‏ وفي حديث ابن مسعود‏:‏ سِدْرة المُنْتَهى صُبْرُ الجنة؛ قال‏:‏ صُبْرُها أَعلاها أَي أَعلى نواحيها؛ قال النمر بن تَوْلَب يصف

روضة‏:‏عَزَبَتْ، وباكَرَها الشَّتِيُّ بِدِيمَة

وَطْفاء، تَمْلَؤُها إِلى أَصْبارِها

وأَدْهَقَ الكأْس إِلى أَصْبارها ومَلأَها إِلى أَصْبارها أَي إِلى

أَعالِيها ورأْسها‏.‏ وأَخذه بأَصْباره أَي تامّاً بجميعه‏.‏

وأَصْبار القبر‏:‏ نواحيه وأَصْبار الإِناء‏:‏ جوانِبه‏.‏ الأَصمعي‏:‏ إِذا

لَقِيَ الرجل الشِّدة بكمالها قيل‏:‏ لَقِيها بأَصْبارها‏.‏

والصُّبْرَة‏:‏ ما جُمِع من الطعام بلا كَيْل ولا وَزْن بعضه فوق بعض‏.‏

الجوهري‏:‏ الصُّبرة واحدة صُبَرِ الطعام‏.‏ يقال‏:‏ اشتريت الشيء صُبْرَةً أَي

بلا وزن ولا كيل‏.‏ وفي الحديث‏:‏ مَرَّ على صُبْرَة طَعام فأَدخل يَدَه فيها؛ الصُّبْرة‏:‏ الطعام المجتمِع كالكُومَة‏.‏ وفي حديث عُمَر‏:‏ دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وإِنَّ عند رجليه قَرَظاً مَصْبُوراً أَي مجموعاً، قد

جُعل صُبْرة كصُبْرة الطعام‏.‏ والصُّبْرَة‏:‏ الكُدْس، وقد صَبَّرُوا

طعامهم‏.‏

وفي حديث ابن عباس في قوله عز وجل‏:‏ وكان عرْشهُ على الماء، قال‏:‏ كان

يَصْعَد إِلى السماء بُخَارٌ من الماء، فاسْتَصْبَر فعاد صَبِيراً؛ اسْتَصْبَرَ أَي استكْثَف، وتراكَم، فذلك قوله‏:‏ ثم اسْتَوى إِلى السماء وهي

دُخَان؛ الصَّبِير‏:‏ سَحاب أَبيض متكاثِف يعني تَكَاثَفَ البُخار وتَراكَم فصار

سَحاباً‏.‏ وفي حديث طَهْفة‏:‏ ويسْتَحْلب الصَّبِير؛ وحديث ظبيان‏:‏

وسَقَوْهُم بِصَبِير النَّيْطَل أَي سَحاب الموْت والهَلاك‏.‏

والصُّبْرة‏:‏ الطعام المَنْخُول بشيء شبِيه بالسَّرَنْد‏.‏ والصُّبْرَة‏:‏ الحجارة الغليظة

المجتمعة، وجمعها صِبَار‏.‏ والصُّبَارة، بضم الصاد‏:‏ الحجارة، وقيل‏:‏ الحجارة

المُلْس؛ قال الأَعشى‏:‏

مَنْ مُبْلِغٌ شَيْبان أن المَرْءَ لم يُخلَق صُبارَهْ‏؟‏

قال ابن سيده‏:‏ ويروى صِيَارَهْ؛ قال‏:‏ وهو نحوها في المعنى، وأَورد

الجوهري في هذا المكان‏:‏

مَنْ مُبْلِغٌ عَمْراً بأن المَرْءَ لم يُخْلَق صُبارَهْ‏؟‏

واستشهد به الأَزهري أَيضاً، ويروى صَبَارهْ، بفتح الصاد، وهو جمع

صَبَار والهاء داخلة لجمع الجمع، لأَن الصَّبَارَ جمع صَبْرة، وهي حجارة

شديدة؛ قال ابن بري‏:‏ وصوابه لم يخلق صِبارهْ، بكسر الصاد، قال‏:‏ وأَما صُبارة

وصَبارة فليس بجمع لصَبْرة لأَن فَعالاً ليس من أَبنية الجموع، وإِنما ذلك

فِعال، بالكسر، نحو حِجارٍ وجِبالٍ؛ وقال ابن بري‏:‏ البيت لَعَمْرو بن مِلْقَط الطائي يخاطب بهذا الشعر عمرو بن هند، وكان عمرو بن هند قتل له أَخ

عند زُرارَةَ بن عُدُس الدَّارِمِي، وكان بين عمرو بن مِلْقَط وبين

زُرارَة شَرٌّ، فحرّض عَمرو ابن هند على بني دارِم؛ يقول‏:‏ ليس الإِنسان بحجر

فيصبر على مثل هذا؛ وبعد البيت‏:‏

وحَوادِث الأَيام لا

يَبْقَى لها إِلاَّ الحجاره

ها إِنَّ عِجْزَةَ أُمّه

بالسَّفْحِ، أَسْفَلَ مِنْ أُوارَهْ

تَسْفِي الرِّياح خِلال كَشْـ *** ـحَيْه، وقد سَلَبوا إِزَارَهْ

فاقتلْ زُرَارَةَ، لا أَرَى

في القوم أَوفى من زُرَارَهْ

وقيل‏:‏ الصُّبارة قطعة من حجارة أَو حديد‏.‏

والصُّبُرُ‏:‏ الأَرض ذات الحَصْباء وليست بغليظة، والصُّبْرُ فيه لغة؛ عن

كراع‏.‏

ومنه قيل للحَرَّة‏:‏ أُم صَبَّار ابن سيده‏:‏ وأُمُّ صَبَّار، بتشديد

الباء، الحرَّة، مشتق من الصُّبُرِ التي هي الأَرض ذات الحَصْباء، أَو من الصُّبَارة، وخَصَّ بعضهم به الرَّجْلاء منها‏.‏ والصَّبْرة من الحجارة‏:‏ ما

اشتد وغَلُظ، وجمعها الصَّبار؛ وأَنشد للأَعشى‏:‏

كأَن تَرَنُّمَ الهَاجَاتِ فيها، قُبَيْلَ الصُّبح، أَصْوَات الصَّبَارِ

الهَاجَات‏:‏ الضَّفادِع؛ شبَّه نَقِيق الضفادع في هذه العين بوقع

الحجارة‏.‏ والصَّبِير‏:‏ الجَبَل‏.‏ قال ابن بري‏:‏ اذكر أَبو عمر الزاهد أَن أُم

صَبَّار الحرّة، وقال الفزاري‏:‏ هي حرة ليلى وحرَّة النار؛ قال‏:‏ والشاهد لذلك

قول النابغة‏:‏

تُدافِع الناسَ عنّا حِين نَرْكَبُها، من المظالم تُدْعَى أُمَّ صَبَّار

أَي تَدْفَعُ الناس عنّا فلا سَبِيل لأَحد إِلى غَزْوِنا لأَنها تمنعهم

من ذلك لكونها غَلِيظة لا تَطَؤُها الخيل ولا يُغار علينا فيها؛ وقوله‏:‏

من المظالم هي جمع مُظْلِمة أَي هي حَرَّة سوداء مُظْلِمة‏.‏ وقال ابن السكِّيت في كتاب الأَلفاظ في باب الاختلاط والشرِّ يقع بين القوم‏:‏ وتدعى

الحرَّة والهَضْبَةُ أُمَّ صَبَّار‏.‏ وروي عن ابن شميل‏:‏ أَن أُم صَبَّار هي

الصَّفَاة التي لا يَحِيك فيها شيء‏.‏ قال‏:‏ والصَّبَّارة هي الأَرض الغَلِيظة

المُشْرفة لا نبت فيها ولا تُنبِت شيئاً، وقيل‏:‏ هي أُم صَبَّار، ولا

تُسمَّى صَبَّارة، وإِنما هي قُفٌّ غليظة‏.‏

قال‏:‏ وأَما أُمّ صَبُّور فقال أَبو عمرو الشيباني‏:‏ هي الهَضْبة التي ليس

لها منفَذ‏.‏ يقال‏:‏ وقع القوم في أُمّ صَبُّور أَي في أَمرٍ ملتبِس شديد

ليس له منفَذ كهذه الهَضْبة التي لا منفَذ لها؛ وأَنشد لأَبي الغريب

النصري‏:‏

أَوْقَعَه اللهُ بِسُوءٍ فعْلِهِ

في أُمِّ صَبُّور، فأَودَى ونَشِبْ

وأُمّ صَبَّار وأُمُّ صَبُّور، كلتاهما‏:‏ الداهية والحرب الشديدة‏.‏ وأَصبر

الرجلُ‏:‏ وقع في أُم صَبُّور، وهي الداهية، وكذلك إِذا وقع في أُم

صَبَّار، وهي الحرَّة‏.‏ يقال‏:‏ وقع القوم في أُم صَبُّور أَي في أَمر شديد‏.‏ ابن سيده‏:‏ يقال وقعوا في أُم صَبَّار وأُم صَبُّور، قال‏:‏ هكذا قرأْته في الأَلفاظ صَبُّور، بالباء، قال‏:‏ وفي بعض النسخ‏:‏ أُم صيُّور، كأَنها مشتقَّة من الصِّيارة، وهي الحجارة‏.‏ وأَصْبَرَ الرجلُ إِذا جلس على الصَّبِير، وهو الجبل‏.‏ والصِّبَارة‏:‏ صِمَام القارُورَة وأَصبر رأْسَ الحَوْجَلَة

بالصِّبَار، وهو السِّداد، ويقال للسِّداد القعولة والبُلْبُلَة

‏.‏ والعُرْعُرة‏.‏ والصَّبِرُ‏:‏

عُصَارة شجر مُرٍّ، واحدته صَبِرَة وجمعه صُبُور؛ قال الفرزدق‏:‏

يا ابن الخَلِيَّةِ، إِنَّ حَرْبي مُرَّة، فيها مَذاقَة حَنْظَل وصُبُور

قال أَبو حنيفة‏:‏ نَبات الصَّبِر كنَبات السَّوْسَن الأَخضر غير أَن ورقَ

الصَّبرِ أَطول وأَعرض وأَثْخَن كثيراً، وهو كثير الماء جدّاً‏.‏ الليث‏:‏

الصَّبِرِ، بكسر الباء، عُصارة شجر ورقها كقُرُب السَّكاكِين طِوَال

غِلاظ، في خُضْرتها غُبْرة وكُمْدَة مُقْشَعِرَّة المنظَر، يخرج من وسطها ساقٌ

عليه نَوْر أَصفر تَمِهُ الرِّيح‏.‏ الجوهري‏:‏ الصَّبِر هذا الدَّواء

المرُّ، ولا يسكَّن إِلاَّ في ضرورة الشعر؛ قال الراجز‏:‏

أَمَرُّ من صَبْرٍ وحُضَضْ

وفي حاشية الصحاح‏:‏ الحُضَضُ الخُولان، وقيل هو بظاءين، وقيل بضاد وظاء؛ قال ابن بري‏:‏ صواب إِنشاده أَمَرَّ، بالنصب، وأَورده بظاءين لأَنه يصف

حَيَّة؛ وقبله‏:‏

أَرْقَشَ ظَمْآن إِذا عُصْرَ لَفَظْ

والصُّبَارُ، بضم الصاد‏:‏ حمل شجرة شديدة الحموضة أَشد حُموضَة من المَصْل له عَجَمٌ أَحمر عَرِيض يجلَب من الهِنْد، وقيل‏:‏ هو التمر الهندي

الحامض الذي يُتَداوَى به‏.‏

وصَبَارَّة الشتاء، بتشديد الراء‏:‏ شدة البَرْد؛ والتخفيف لغة عن

اللحياني‏.‏ ويقال‏:‏ أَتيته في صَبَارَّة الشتاء أَي في شدَّة البَرْد‏.‏ وفي حديث

علي، رضي الله عنه‏:‏ قُلْتم هذه صَبَارَّة القُرّ؛ هي شدة البرد كَحَمَارَّة

القَيْظ‏.‏

أَبو عبيد في كتاب اللَّبَن‏:‏ المُمَقَّر والمُصَبَّرُ الشديد الحموضة

إِلى المَرارة؛ قال أَبو حاتم‏:‏ اشتُقَّا من الصَّبِر والمَقِر، وهما

مُرَّان‏.‏

والصُّبْرُ‏:‏ قبيلة من غَسَّان؛ قال الأَخطل‏:‏

تَسْأَله الصُّبْرُ من غَسَّان، إِذ حَضَرُوا، والحَزْنُ‏:‏ كيف قَراك الغِلْمَةُ الجَشَرُ‏؟‏

الصُّبْر والحَزْن‏:‏ قبيلتان، ويروى‏:‏ فسائل الصُّبْر من غَسَّان إِذْ

حضروا، والحَزْنَ، بالفتح، لأَنه قال بعده‏:‏

يُعَرِّفونك رأْس ابن الحُبَاب، وقد

أَمسى، وللسَّيْف في خَيْشُومه أَثَرُ

يعني عُمير بن الحُباب السُّلَمي لأَنه قُتِل وحُمِل رأْسهُ إِلى قَبائل

غَسَّان، وكان لا يبالي بِهِم ويقول‏:‏ ليسوا بشيء إِنما هم جَشَرٌ‏.‏

وأَبو صَبْرَة‏:‏ طائر أَحمرُ البطنِ أَسوَدُ الرأْس

والجناحَيْن والذَّنَب وسائره أَحمر‏.‏

وفي الحديث‏:‏ مَنْ فَعَل كذا وكذا كان له خيراً من صَبِير ذَهَباً؛ قيل‏:‏

هو اسم جبل باليمن، وقيل‏:‏ إِنما هو مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ، بإِسقاط الباء

الموحدة، وهو جبلَ لطيّء؛ قال ابن الأَثير‏:‏ وهذه الكلمة جاءت في حديثين

لعليّ ومعاذ‏:‏ أَما حديث علي فهو صِيرٌ، وأَما رواية معاذ فصَبِير، قال‏:‏ كذا

فَرق بينهما بعضهم‏.‏

صحر‏:‏ الصَّحْراء من الأَرض‏:‏ المُستوِيةُ في لِينٍ وغِلَظ دون القُفِّ، وقيل‏:‏ هي الفَضاء الواسع؛ زاد ابن سيده‏:‏ لا نَبات فيه‏.‏ الجوهري‏:‏ الصَّحراء

البَرِّيَّة؛ غير مصروفة وإِن لم تكن صفة، وإِنما لم تصرف للتأْنيث

ولزوم حرف التأْنيث لها، قال‏:‏ وكذلك القول في بُشرى‏.‏ تقول‏:‏ صَحْراءُ واسعة

ولا تقل صَحْراءَة فتدخل تأْنيثاً على تأْنيث‏.‏ قال ابن شميل‏:‏ الصَّحْراء من الأَرض مثل ظهر الدابة الأَجْرَد ليس بها شجر ولا إِكام ولا جِبال

مَلْساء‏.‏ يقال‏:‏ صحراء بَيِّنة الصَّحَر والصُّحْرَة‏.‏

وأَصْحَر المكانُ أَي اتَّسع‏.‏ وأَصْحَرَ‏.‏ الرجل‏:‏ نزل الصحراء‏.‏ وأَصْحَرَ

القوم‏:‏ برزوا في الصَّحْراء، وقيل‏:‏ أَصْحَرَ الرجل إِذا‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ كأَنه أَفضى إِلى الصَّحْراء التي لا خَمَرَ بها فانكشف‏.‏

وأَصْحَرَ القوم إِذا برزوا إِلى فضاء لا يُوارِيهم شيء‏.‏ وفي حديث أُم سلمة

لعائشة‏:‏ سَكَّن الله عُقَيراكِ فلا تُصْحِرِيها؛ معناه لا تُبْرِزِيها

إِلى الصَّحْراء؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هكذا جاء في هذا الحديث متعدِّياً على

حذف الجار وإِيصال الفعل فإِنه غير متعدّ، والجمع الصَّحارى والصَّحارِي، ولا يجمع على صُحْر لأَنه ليس بنعت‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ الجمع صَحْرَاوَات

وصَحارٍ، ولا يكسَّر على فُعْل لأَنه وإِن كان صفة فقد غلب عليه الاسم‏.‏ قال

الجوهري‏:‏ الجمع الصَّحارِي والصَّحْراوات، قال‏:‏ وكذلك جمع كل فعلاء إِذا

لم يكن مؤنث أَفْعَلَ مثل عَذْراء وخَبْراء ووَرْقاء اسم رجل، وأَصل

الصَّحارِي صَحارِيّ، بالتشديد، وقد جاء ذلك في الشرع لأَنك إِذا جمعت

صَحْراء أَدخلت بين الحاء والراء أَلفاً وكسرت الراء، كما يُكسر ما بعد أَلِف

الجمع في كل موضع نحو مساجد وجَعافِر، فتنقلب الأَلف الأُولى التي بعد

الراء ياءً للكسرة التي قبلها، وتنقلب الأَلف الثانية التي للتأْنيث أَيضاً

ياء فتدغَم، ثم حذفوا الياء الأُولى وأَبدلوا من الثانية أَلفاً فقالوا

صَحارى، بفتح الراء، لتسلم الأَلف من الحذف عند التنوين، وإِنما فعلوا

ذلك ليفرقوا بين الياء المنقلبة من الأَلف للتأْنيث وبين الياء المنقلبة من الأَلف التي ليست للتأْنيث نحو أَلِفِ مَرْمًى ومغزًى، إِذ قالوا

مَرَامِي ومَغازِي، وبعض العرب لا يحذف الياءَ الأُولى ولكن يحذف الثانية فيقول

الصَّحارِي بكسر الراء، وهذه صَحارٍ، كما يقول جَوارٍ‏.‏ وفي حديث علي‏:‏

فأَصْحِرْ لعدُوّك وامْض على بَصِيرَتِك أَي كُنْ من أَمره على أَمرٍ واضح

منكَشِف، من أَصْحَر الرجل إِذا خرج إِلى الصَّحراء‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏

ومنه حديث الدعاء‏:‏ فأَصْحِرْ بِي لغَضَبك فَريداً‏.‏ والمُصاحِرُ‏:‏ الذي يقاتل

قِرْنه في الصَّحراء ولا يُخاتِلُه‏.‏

والصُّحْرة‏:‏ جَوْبة تَنْجاب في الحرَّة وتكون أَرضاً ليِّنة تُطِيف بها

حجارة، والجمع صُحَرٌ لا غير؛ قال أَبو ذؤيب يصف يرَاعاً‏:‏

سَبِيٌّ من يَراعَتِه نَفاهُ

أَتيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ وَلُوبُ

قوله سَبِيّ أَي غريب‏.‏ واليَراعَة ههنا‏:‏ الأَجَمَة‏.‏ ولَقِيته صَحْرَةَ

بَحْرَةَ إِذا لم يكن بينك وبينه شيء، وهي غير مُجْراةٍ، وقيل لم يُجْرَيَا لأَنهما اسمان جعلا اسماً واحداً‏.‏ وأَخبره بالأَمر صَحْرَةَ بَحْرَةَ، وصَحْرَةً بَحْرَةً أَي قَبَلا لم يكن بينه وبينه أَحد‏.‏

وأَبرز له ما في نفسه صَحَاراً‏:‏ كأَنه جاهره به جِهاراً‏.‏ والأَصْحَرُ‏:‏

قريب من الأَصهَب، واسم اللَّوْن الصَّحَرُ والصُّحْرَةُ، وقيل‏:‏ الصَّحَرُ

غُبرة في حُمْرة خفيفة إِلى بياض قليل؛ قال ذو الرمة‏:‏

يَحْدُو نَحائِصَ أَشْباهاً مُحَمْلَجةً، صُحْرَ السَّرابِيل في أَحْشائها قَبَبُ

وقيل‏:‏ الصُّحْرة حمرة تضرِب إِلى غُبرة؛ ورجل أَصْحَر وامرأَة صَحْراء

في لونها‏.‏ الأَصمعي‏:‏ الأَصْحَرُ نحو الأَصْبَح، والصُّحْرة لَوْن

الأَصْحَر، وهو الذي في رأْسه شُقرة‏.‏

واصْحارَّ النبْت اصْحِيراراً‏:‏ أَخذت فيه حمرة ليست بخالصة ثم هاج

فاصفرَّ فيقال له‏:‏ اصْحارَّ‏.‏ واصحارَّ السُّنْبُل‏:‏ احمرَّ، وقيل‏:‏ ابيضَّت

أَوائله‏.‏ وحِمار أَصْحَرُ اللون، وأَتان صَحُورٌ‏:‏ فيها بياض وحمرة، وجمعه

صُحُر، والصُّحْرة اسم اللَّوْن، والصَّحَر المصدر‏.‏

والصَّحُور أَيضاً‏:‏ الرَّمُوح يعني النَّفُوحَ برجلها‏.‏

والصَّحِيرة‏:‏ اللَّبَن الحلِيب يغلى ثم يصب عليه السمن فيشرب شرباً، وقيل‏:‏ هي مَحْض الإِبل والغنم ومن المِعْزَى إِذا احتيج إِلى الحَسْوِ

وأَعْوَزَهُمُ الدقيق ولم يكن بأَرضهم طَبَخُوه ثم سَقَوْه العَليل حارّاً؛ وصَحَره يَصْحَره صَحْراً‏:‏ طبخه، وقيل‏:‏ إِذا سُخِّن الحليب خاصة حتى يحترق، فهو صَحِيرة، والفِعْل كالفعل، وقيل‏:‏ الصَّحِيرة اللبن الحليب يسخن ثم يذرُّ عليه الدقيق، وقيل‏:‏ هو اللبن الحليب يُصْحَر وهو أَن يلقى فيه

الرَّضْفُ أَو يجعل في القِدْر فيغلى فيه فَوْرٌ واحد حتى يحترق، والاحتراق

قبل الغَلْي، وربما جعل فيه دقيق وربما جعل فيه سمن، والفعل كالفعل، وقيل‏:‏

هي الصَّحِيرة من الصَّحْرِ كالفَهِيرة من الفِهْر‏.‏

والصُّحَيْراء، ممدود على مثال الكُدَيْراء‏:‏ صِنْف من اللبن؛ عن كراع، ولم يُعيِّنه‏.‏

والصَّحِير‏:‏ من صوْت الحمير، صَحَر الحمار يَصْحَر صَحِيراً وصُحَاراً، وهو أَشد من الصَّهِيل في الخيل‏.‏ وصُحار الخيل‏:‏ عرَقها، وقيل‏:‏ حُمَّاها‏.‏

وصَحَرته الشمس‏:‏ آلَمَتْ دِماغه‏.‏

وصُحْرُ‏:‏ اسم أُخت لُقْمان بن عاد‏.‏ وقولهم في المثل‏:‏ ما لي ذَنْب إِلاَّ

ذنب صُحْرَ؛ هو اسم امرأَة عُوقبت على الإِحسان؛ قال ابن بري‏:‏ صُحُرُ هي

بنت لقمان العادي وابنه لُقَيم، بالميم، خرجا في إِغارة فأَصابا إِبلاً، فسبق لُقَيم فأَتى منزله فنحرت أُخته صُحْرُ جَزُوراً من غَنيمته وصنعت

منها طعاماً تتحِف به أَباها إِذا قدِم، فلما قدِم لُقْمان قدَّمت له

الطعام، وكان يحسُد لقيماً، فَلَطَمَهَا ولم يكن لها ذنب‏.‏ قال‏:‏ وقال ابن خالَوْيهِ هي أُخت لقمان بن عاد، وقال‏:‏ إِنَّ ذنبها هو أَن لقمان رأَى في بيتها نُخامة في السَّقْف فقتلها، والمشهور من القولين هو الأَول‏.‏

وصُحَارٌ‏:‏ اسم رجل من عبد القَيْس؛ قال جرير‏:‏

لقيت صُحارَ بني سِنان فيهم

حَدَباً كأَعصلِ ما يكون صُحار

ويروي‏:‏ كأَقْطَمِ ما يكون صُحار‏.‏ وصُحار‏:‏ قبيلة‏.‏ وصُحار‏:‏ مدينة عُمَان‏.‏

قال الجوهري‏:‏ صُحار، بالضم، قَصَبَة عُمان مما يلي الجبل، وتُؤَام

قَصَبتها مما يلي السَّاحل‏.‏ وفي الحديث‏:‏ كُفِّن رسولُ الله، صلى الله عليه

وسلم، في ثَوْبَيْن صُحَارِيَّيْنِ؛ صحار‏:‏ قرية باليمن نُسِب الثوبُ إِليها، وقيل‏:‏ هو من الصُّخْرة من اللَّوْن، وثَوْب أَصْحَر وصُحارِيّ‏.‏ وفي حديث

عثمان‏:‏ أَنه رأَى رجلاً يقطَع سَمُرة بِصُحَيرات اليَمام؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هو اسم موضع، قال‏:‏ واليَمام شَجرَ أَو طير‏.‏

والصُّحَيرات‏:‏ جمعٌ مصغر واحده صُحْرة، وهي أَرض لَيِّنة تكون في وسط

الحرَّة‏.‏ قال‏:‏ هكذا قال أَبو موسى وفَسَّر اليَمام بشجر أَو طير، قال‏:‏

فأَما الطير فصحيح، وأَما الشجر فلا يُعرف فيه يّمام، بالياء، وإِنما هو ثُمام، بالثاء المثلثة، قال‏:‏ وكذلك ضبطه الحازِمي قال‏:‏ هو صُحَيْرات

الثُّمَامة، ويقال فيه الثّمام، بلا هاء قال‏:‏ وهي إِحدى مراحل النبي صلى الله عليه وسلم إِلى بَدْر‏.‏

صخر‏:‏ الصَّخرة‏:‏ الحجر العظيم الصُّلْب، وقوله عز وجل‏:‏ يا بُنَيَّ إِنها

إِنْ تَكُ مِثْقال حَبَّة من خَردَلٍ فتكن في صَخْرة أَو في السموات أَو

في الأَرض؛ قال الزجاج‏:‏ قيل في صَخْرة أَي في الصَّخْرة التي تحت الأَرض، فالله عز وجل لطيف باستخراجها، خََبِيرٌ بمكانها‏.‏ وفي الحديث‏:‏ الصَّخْرة

من الجنة؛ يريد صَخْرة بيت المَقْدِس‏.‏ والصَّخَرَة‏:‏ كالصَّخْرة، والجمع صَخْرٌ وصَخَر وصُخُور وصُخورة وصِخَرة وصَخَرات‏.‏

ومكان صَخِر ومُصْخِر‏:‏ كثير الصَّخْر‏.‏

والصَّاخِرَة‏:‏ إِناءٌ من خَزَف‏.‏

والصَّخِير‏:‏ نبْت‏.‏

وصَخْر بن عمرو بن الشَّرِيد‏:‏ أَخو الخَنْساء‏.‏

والصَّاخِر‏:‏ صوْت الحديد بعضه على بعض‏.‏

صدر‏:‏ الصَّدْر‏:‏ أَعلى مقدَّم كل شيء وأَوَّله، حتى إِنهم ليقولون‏:‏ صَدْر

النهار والليل، وصَدْر الشتاء والصيف وما أَشبه ذلك مذكّراً؛ فأَما قول

الأَعشى‏:‏

وتَشْرَقُ بالقَوْل الذي قد أَذَعْتَه، كما شَرِقَتْ صَدْر القَناة من الدَّمِ

قال ابن سيده‏:‏ فإِن شئت قلت أَنث لأَنه أَراد القناة، وإِن شئت قلت إن صَدْر القَناة قَناة؛ وعليه قوله‏:‏

مَشَيْنَ كما اهْتَزَّت رِماح، تَسَفَّهَتْ

أَعالِيها مَرُّ الرِّياح النَّواسِم

والصَّدْر‏:‏ واحد الصُّدُور، وهو مذكر، وإِنما أَنثه الأَعشى في قوله كما

شَرِقَتْ صَدْر القَناة على المعنى، لأَن صَدْر القَناة من القَناة، وهو كقولهم‏:‏ ذهبت بعض أَصابعه لأَنهم يؤنِّثُون الاسم المضاف إِلى المؤنث، وصَدْر القناة‏:‏ أَعلاها‏.‏ وصَدْر الأَمر‏:‏ أَوّله‏.‏ وصَدْر كل شيء‏:‏ أَوّله‏.‏

وكلُّ ما واجهك‏:‏ صَدْرٌ، وصدر الإِنسان منه مذكَّر؛ عن اللحياني، وجمعه

صُدُور ولا يكسَّر على غير ذلك‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ ولكن تَعْمَى القُلوب التي

في الصُّدُور؛ والقلب لا يكون إِلاَّ في الصَّدْر إِنما جرى هذا على

التوكيد، كما قال عز وجل‏:‏ يقولون بأَفواههم؛ والقول لا يكون إِلاَّ بالفَمِ

لكنه أَكَّد بذلك، وعلى هذا قراءة من قرأَ‏:‏ إِن أَخي له تِسْعٌ وتسعون

نَعْجَةً أُنثى‏.‏ والصُّدُرة‏:‏ الصَّدْر، وقيل‏:‏ ما أَشرف من أَعلاه‏.‏ والصَّدْر‏:‏

الطائفة من الشيء‏.‏ التهذيب‏:‏ والصُّدْرة من الإِنسان ما أَشرف من أَعلى

صدْره؛ ومنه الصُّدْرة التي تُلبَس؛ قال الأَزهري‏:‏ ومن هذا قول امرأَة

طائيَّة كانت تحت امرئ القيس، فَفَرِ كَتْهُ وقالت‏:‏ إِني ما عَلِمْتُكَ

إِلاَّ ثَقِيل الصُّدْرة سريع الهِدافَةَ بَطِيء الإِفاقة‏.‏

والأَصْدَر‏:‏ الذي أَشرفت صَدْرته‏.‏

والمَصْدُور‏:‏ الذي يشتكي صدره؛ وفي حديث ابن عبد العزيز‏:‏ قال لعبيدالله بن عبدالله بن عتبة‏:‏ حتى متَى تقولُ هذا الشعر‏؟‏ فقال‏:‏

لا بُدَّ للمَصْدُور من أَن يَسْعُلا

المَصْدُور‏:‏ الذي يشتكي صَدْره، صُدِرَ فهو مصدور؛ يريد‏:‏ أَن من أُصيب

صَدْره لا بدّ له أَن يَسْعُل، يعني أَنه يَحْدُث للإِنسان حال يتمثَّل

فيه بالشعر ويطيِّب به نفسه ولا يكاد يمتنع منه‏.‏ وفي حديث الزهري‏:‏ قيل له

إِن عبيد الله يقول الشِّعْر، قال‏:‏ ويَسْتَطَيعُ المَصْدُور أَن لا

يَنْفُِثَ أَي لا يَبْزُق؛ شَبَّه الشِّعْر بالنَّفْث لأَنهما يخرجان من الفَمِ‏.‏ وفي حديث عطاء‏:‏ قيل له رجل مَصْدُور يَنْهَزُ قَيْحاً أَحَدَثٌ هُوَ‏؟‏

قال‏:‏ لا، يعني يَبزُق قَيْحاً‏.‏ وبَنَات الصدر‏:‏ خَلَل عِظامه‏.‏

وصُدِرَ يَصْدَرُ صَدْراً‏:‏ شكا صَدْرَه؛ وأَنشد‏:‏

كأَنما هُوَ في أَحشاء مَصْدُورِ

وصَدَرَ فلان فلاناً يَصْدُرُه صَدْراً‏:‏ أَصاب صَدْرَه‏.‏ ورجل أَصْدَرُ‏:‏

عظيم الصَّدْرِ، ومُصَدَّر‏:‏ قويّ الصَّدْر شديده؛ وكذلك الأَسَد والذئب‏.‏

وفي حديث عبد الملك‏:‏ أُتِيَ بأَسِير مُصَدَّر؛ هو العظيم الصَّدْر‏.‏ وفَرس

مُصَدَّرٌ‏:‏ بَلَغ العَرَق صَدْرَه‏.‏ والمُصَدَّرُ من الخيل والغنم‏:‏

الأَبيض لَبَّةِ الصَّدْرِ، وقيل‏:‏ هو من النِّعاج السَّوداء الصدر وسائرُها

أَبيضُ؛ ونعجة مُصَدَّرَة‏.‏ ورجل بعيد الصَّدْر‏:‏ لا يُعطَف، وهو على

المثَل‏.‏ التَّصَدُّر‏:‏ نصْب الصَّدْر في الجُلوس‏.‏ وصَدَّر كتابه‏:‏ جعل له

صَدْراً؛ وصَدَّره في المجلس فتصدَّر‏.‏ وتصدَّر الفرسُ وصَدَّر، كلاهما‏:‏ تقدَّم

الخيلَ بِصَدره‏.‏ وقال ابن الأَعرابي‏:‏ المُصَدَّرُ من الخيل السابق، ولم يذكر الصَّدْرَ؛ ويقال‏:‏ صَدَّرَ الفرسُ إِذا جاء قد سبق وبرز بِصَدْرِه

وجاء مُصَدَّراً؛ وقال طفيل الغَنَوِيّ يصف فرساً‏:‏

كأَنه بَعْدَما صَدَّرْنَ مِنْ عَرَقٍ

سِيدٌ، تَمَطَّرَ جُنْحَ الليل، مَبْلُولُ

كأَنه‏:‏ الهاءُ لَفَرسِهِ‏.‏ بعدما صَدَّرْنَ‏:‏ يعني خَيْلاَ سَبَقْنَ

بصُدُورِهِنَّ‏.‏ والعَرَق‏:‏ الصفُّ من الخيل؛ وقال دكين‏:‏

مُصَدَّرٌ لا وَسَطٌ ولا بَالي‏.‏

وقال أَبو سعيد في قوله‏:‏ بعدما صَدَّرْنَ من عرق أَي هَرَقْنَ صَدْراً

ومن العَرَق ولن يَسْتَفْرِغْنَه كلَّه؛ ور وي عن ابن الأَعرابي أَنه قال‏:‏

رواه بعدما صُدِّرْنَ، على ما لم يسمَّ فاعله، أَي أَصاب العَرَقُ

صُدُورهُنَّ بعدما عَرِقَ؛ قال‏:‏ والأَول أَجود؛ وقول الفرزدق يخاطب

جريراً‏:‏وحَسِبتَ خيْلَ بني كليب مَصْدَراً، فَغَرِقْتَ حين وَقَعْتَ في القَمْقَامِ

يقول‏:‏ اغْتَرَرْتَ بخيْل قومك وظننت أَنهم يخلِّصونك من بحر فلم يفعلوا‏.‏

ومن كلامِ كُتَّاب الدَّواوِين أَن يقال‏:‏ صُودِرَ فلانٌ العامل على مالٍ

يؤدِّيه أَي فُورِقَ على مالٍ ضَمِنَه‏.‏

والصِّدَارُ‏:‏ ثَوْبٌ رأْسه كالمِقْنَعَةِ وأَسفلُه يُغَشِّى الصَّدْرَ

والمَنْكِبَيْنِ تلبَسُه المرأَة؛ قال الأَزهري‏:‏ وكانت المرأَة الثَّكْلَى

إِذا فقدت حميمها فأَحَدّتْ عليه لبست صِدَاراً من صُوف؛ وقال الراعي

يصف فلاة‏:‏

كَأَنَّ العِرْمِسَ الوَجْناءَ فيها

عَجُولٌ، خَرَّقَتْ عنها الصَّدارَا

ابن الأَعرابي‏:‏ المِجْوَلُ الصُّدْرَة، وهي الصِّدار والأُصْدَة‏.‏

والعرَب تقول للقميص الصغير والدِّرْع القصيرة‏:‏ الصُّدْرَةُ، وقال الأَصمعي‏:‏

يقال لِمَا يَلي الصَّدْر من الدِّرْعِ صِدارٌ‏.‏ الجوهري‏:‏ الصِّدارُ‏.‏ بكسر

الصاد، قميص صغير يَلي الجسد‏.‏ وفي المثل‏:‏ كلُّ ذات صِدارٍ خالَةٌ أَي من حَقِّ الرجل أَن يَغارَ على كل امرأَة كما يَغارُ على حُرَمِهِ‏.‏ وفي حديث

الخَنْساء‏:‏ دخلتْ على عائشة وعليها خِمارٌ مُمَزَّق وصِدار شعَر؛ الصِّدار‏:‏ القميص القصير كما وَصَفناه أَوَّلاً‏.‏

وصَدْرُ القَدَمِ‏:‏ مُقَدَّمُها ما بين أَصابعها إِلي الحِمارَة‏.‏ وصَدْرُ

النعل‏:‏ ما قُدَّام الخُرْت منها‏.‏ وصَدْرُ السَّهْم‏:‏ ما جاوز وسَطَه إِلى

مُسْتَدَقِّهِ، وهو الذي يَلي النَّصْلَ إِذا رُمِيَ به، وسُمي بذلك

لأَنه المتقدِّم إِذا رُمِي، وقيل‏:‏ صَدْرُ السهم ما فوق نصفه إِلى المَرَاش‏.‏

وسهم مُصَدَّر‏:‏ غليظ الصَّدْر، وصَدْرُ الرمح‏:‏ مثله‏.‏ ويومٌ كصَدْرِ

الرمح‏:‏ ضيِّق شديد‏.‏ قال ثعلب‏:‏ هذا يوم تُخَصُّ به الحرْب؛ قال وأَنشدني ابن الأَعرابي‏:‏

ويوم كصَدْرِ الرُّمْحِ قَصَّرْت طُولَه

بِلَيْلي فَلَهَّانِي، وما كُنْتُ لاهِيَا

وصُدُورُ الوادي‏:‏ أَعاليه ومَقادمُه، وكذلك صَدَائرُهُ؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد‏.‏

أَأَنْ غَرَّدَتْ في بَطْنِ وادٍ حَمامَةٌ

بَكَيْتَ، ولم يَعْذِرْكَ في الجهلِ عاذِرف‏؟‏

تَعَالَيْنَ في عُبْرِيَّةٍ تَلَعَ الضُّحى

على فَنَنٍ، قد نَعَّمَتْهُ الصَّدائِرُ

واحدها صَادِرَة وصَدِيرَة‏.‏‏.‏ والصَّدْرُْ في العَروضِ‏:‏ حَذْف

أَلِفِ فاعِلُنْ لِمُعاقَبَتِها نون فاعِلاتُنْ؛ قال ابن سيده‏:‏ هذا قول

الخليل، وإِنما حكمه أَن يقول الصَدْر الأَلف المحذوفة لِمُعاقَبَتها نون

فاعِلاتُنْ‏.‏ والتَّصْدِيرُ؛ حزام الرَّحْل والهَوْدَجِ‏.‏ قال سيبويه‏:‏ فأَما

قولهم التَّزْدِيرُ فعلى المُضارعة وليست بلُغَة؛ وقد صَدَّرَ عن

البعير‏.‏ والتَّصْدِيرُ‏:‏ الحِزام، وهو في صَدْرِ البعير، والحَقَبُ عند الثِّيل‏.‏

والليث‏:‏ التَّصْدِيرُ حبل يُصَدَّرُ به البعير إِذا جرَّ حِمْله إِلى

خلْف، والحبلُ اسمه التَّصْدِيرُ، والفعل التَّصْدِيرُ‏.‏ قال الأَصمعي‏:‏ وفي الرحل حِزامَةٌ يقال له التَّصْدِيرُ، قال‏:‏ والوَضِينُ والبِطان

لِلْقَتَبِ، وأَكثر ما يقال الحِزام للسَّرج‏.‏ وقال الليث‏:‏ يقال صَدِّرْ عن

بَعِيرك، وذلك إِذا خَمُصَ بطنُه واضطرب تَصْدِيُرهُ فيُشدُّ حبل من التَّصْدِيرِ إِلى ما وراء الكِرْكِرَة، فيثبت التَّصْدِير في موضعه، وذلك الحبل

يقال له السِّنافُ‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ الذي قاله الليث أَنَّ التَّصدْيِر حبل

يُصَدَّر به البعير إِذا جرَّ حِمْله خَطَأٌ، والذي أَراده يسمَّى

السِّناف، والتَّصْديرُ‏:‏ الحزام نفسُه‏.‏ والصِّدارُ‏:‏ سِمَةٌ على صدر

البعير‏.‏ المُصَدَّرُ‏:‏ أَول القداح الغُفْل التي ليست لها فُروضٌ ولا أَنْصباء، إِنما تثقَّل بها القداح كراهِيَة التُّهَمَة؛ هذا قول اللحياني‏.‏

والصَّدَرُ، بالتحريك‏:‏ الاسم، من قولك صَدَرْت عن الماء وعن البِلاد‏.‏

وفي المثل‏:‏ تَرَكْته على مِثْل ليلَة الصَّدَرِ؛ يعني حين صَدَرَ الناس من حَجِّهِم‏.‏ وأَصْدَرْته فصدَرَ أَي رَجَعْتُهُ فرَجَع، والموضع مَصْدَر

ومنه مَصادِر الأَفعال‏.‏ وصادَرَه على كذا‏.‏ والصَّدَرُ‏:‏ نقِيض الوِرْد‏.‏

صَدَرَ عنه يَصْدُرُ صَدْراً ومَصْدراً ومَزْدَراً؛ الأَخيرة مضارِعة؛ قال‏:‏ودَعْ ذا الهَوَى قبل القِلى؛ تَرْكُ ذي الهَوَى، مَتِينِ القُوَى، خَيْرٌ من الصَّرْمِ مَزْدَرَا

وقد أَصْدَرَ غيرَه وصَدَرَهُ، والأَوَّل أَعلى‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏

حتى يَصْدُرَ الرِّعاءُ؛ قال ابن سيده‏:‏ فإِمَّا أَن يكون هذا على نِيَّةِ

التعدَّي كأَنه قال حتى يَصْدُر الرِّعاء إِبِلَهم ثم حذف المفعول، وإِمَّا أَن يكون يَصدرُ ههنا غير متعدٍّ لفظاً ولا معنى لأَنهم قالوا صَدَرْتُ

عن الماء فلما يُعَدُّوه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ يَهْلِكُونَ مَهْلَكاً واحداً

ويَصْدُرُون مَصادِر شَتَّى؛ الصَّدَرُ، بالتحريك‏:‏ رُجوع المسافر من مَقصِده

والشَّارِبةِ من الوِرْدِ‏.‏ يقال‏:‏ صَدَرَ يَصْدُرُ صُدُوراً وصَدَراً؛ يعني أَنه يُخْسَفُ بهم جميعهم فَيْهلكون بأَسْرِهم خِيارهم وشِرارهم، ثم يَصْدُرون بعد الهَلَكَة مَصادِرَ متفرِّقة على قدْر أَعمالهم

ونِيَّاتِهم، ففريقٌ في الجنة وفريق في السعير‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لِلْمُهاجِرِ إِقامَةُ

ثلاثٍ بعد الصَّدَر؛ يعني بمكة بعد أَن يقضي نُسُكَه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ كانت له

رَكْوة تسمَّى الصادِرَ؛ سمِّيت به لأَنه يُصْدَرُ عنها بالرِّيّ؛ ومنه‏:‏

فأَصْدَرْنا رِكابَنَا أَي صُرِفْنا رِواءً فلم نحتج إِلى المُقام بها

للماء‏.‏ وما له صادِرٌ ولا وارِدٌ أَي ما له شيء‏.‏ وقال اللحياني‏:‏ ما لَهُ

شيء ولا قوْم‏.‏ وطريق صادِرٌ‏:‏ معناه أَنه يَصْدُر بِأَهْله عن الماء‏.‏

ووارِدٌ‏:‏ يَرِدُهُ بِهم؛ قال لبيد يذكر ناقَتَيْن‏:‏

ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ

صادِرٍ وَهْمٍ، صُوَاهُ قد مَثَلْ

أَراد في طريق يُورد فيه ويُصْدَر عن الماء فيه‏.‏ والوَهْمُ‏:‏ الضَّخْمُ، وقيل‏:‏ الصَّدَرُ عن كل شيء الرُّجُوع‏.‏ الليث‏:‏ الصَّدَرُ الانصراف عن

الوِرْد وعن كل أَمر‏.‏ يقال‏:‏ صَدَرُوا وأَصْدَرْناهم‏.‏ ويقال للذي يَبْتَدِئُ

أَمْراً ثم لا يُتِمُّه‏:‏ فُلان يُورِد ولا يُصْدِر، فإِذا أَتَمَّهُ قيل‏:‏

أَوْرَدَ وأَصْدَرَ‏.‏ قال أَبو عبيد‏:‏ صَدَرْتُ عن البِلاد وعن الماء

صَدَراً، وهو الاسم، فإِذا أَردت المصدر جزمت الدال؛ وأَنشد لابن مقبل‏:‏

وليلةٍ قد جعلتُ الصبحَ مَوْعِدَها

صَدْرَ المطِيَّة حتء تعرف السَّدَفا

قال ابن سيده‏:‏ وهذا منه عِيٌّ واختلاط، وقد وَضَعَ منه بهذه المقالة في خطبة كتابِه المحكَم فقال‏:‏ وهل أَوحَشُ من هذه العبارة أَو أَفحشُ من هذه

الإِشارة‏؟‏ الجوهري‏:‏ الصَّدْرُ، بالتسكين، المصدر، وقوله صَدْرَ

المطِيَّة مصدر من قولك صَدَرَ يَصْدُرُ صَدْراً‏.‏ قال ابن بري‏:‏ الذي رواه أَبو

عمرو الشيباني السَّدَف، قال‏:‏ وهو الصحيح، وغيره يرويه السُّدَف جمع

سُدْفَة، قال‏:‏ والمشهور في شعر ابن مقبل ما رواه أَبو عمرو، والله أَعلم‏.‏

والصَّدَر‏:‏ اليوم الرابع من أَيام النحر لأَن الناس يَصْدُرون فيه عن مكة إِلى

أَماكنهم‏.‏ وتركته على مِثْل ليلة الصَّدَر أَي لا شيء له‏.‏ والصَّدَر‏:‏

اسم لجمع صادر؛ قال أَبو ذؤيب‏:‏

بِأَطْيَبَ منها، إِذا مال النُّجُو

مُ أَعْتَقْنَ مثلَ هَوَادِي الصَّدَرْ

والأَصْدَرَانِ‏:‏ عِرْقان يضربان تحت الصُّدْغَيْنِ، لا يفرد لهما واحد‏.‏

وجاء يضرِب أَصْدَرَيْه إِذا جاء فارِغاً، يعنى عِطْفَيْهِ، ويُرْوَى

أَسْدَرَيْهِ، بالسين، وروى أَبو حاتم‏:‏ جاء فلان يضرب أَصْدَرِيْهِ

وأَزْدَرَيهِ أَي جاء فارغاً، قال‏:‏ ولم يدر ما أَصله؛ قال أَبو حاتم‏:‏ قال بعضهم

أَصْدَراهُ وأَزْدَراهُ وأَصْدغاهُ ولم يعرِف شيئاً منهنَّ‏.‏ وفي حديث

الحسَن‏:‏ يضرب أَصْدَرَيْه أَي منكِبيه، ويروى بالزاي والسين‏.‏ وقوله تعالى‏:‏

يَصْدُرَ الرِّعاء؛ أَي يرجعوا من سَقْيِهم، ومن قرأَ يُصْدِرَ أَراد

يردّون‏.‏ مواشِيَهُمْ‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ يومئذٍ يَصْدُرُ الناس أَشتاتاً؛ أَي

يرجعون‏.‏ يقال‏:‏ صَدَرَ القوم عن المكان أَي رَجَعُوا عنه، وصَدَرُوا إِلى

المكان صاروا إِليه؛ قال‏:‏ قال ذلك ابن عرفة‏.‏ والوارِدُ‏:‏ الجائِي، والصَّادِرُ‏:‏ المنصرف‏.‏

التهذيب‏:‏ قال الليث‏:‏ المَصْدَرُ أَصل الكلمة التي تَصْدُرُ عنها

صَوادِرُ الأَفعال، وتفسيره أَن المصادر كانت أَول الكلام، كقولك الذّهاب

والسَّمْع والحِفْظ، وإِنما صَدَرَتِ الأَفعال عنها، فيقال‏:‏ ذهب ذهاباً وسمِع

سَمْعاً وسَمَاعاً وحَفِظ حِفْظاً؛ قال ابن كيسان‏:‏ أَعلم أَن المصدر

المنصوب بالفعل الذي اشتُقَّ منه مفعولٌ وهو توكيد للفعل، وذلك نحو قمت

قِياماً وضربته ضَرْباً إِنما كررته‏.‏ وفي قمتُ

دليلٌ لتوكيد خبرك على أَحد وجهين‏:‏ أَحدهما أَنك خِفْت أَن يكون من تُخاطِبه لم يَفهم عنك أَوَّلَ كلامك، غير أَنه علم أَنك قلت فعلت فعلاً، فقلتَ

فعلتُ فِعلاً لتردِّد اللفظ الذي بدأْت به مكرَّراً عليه ليكون أَثبت

عنده من سماعه مرَّة واحدة، والوجه الآخر أَن تكون أَردت أَن تؤكد خَبَرَكَ

عند مَنْ تخاطبه بأَنك لم تقل قمتُ وأَنت تريد غير ذلك، فردَّدته لتوكيد

أَنك قلتَه على حقيقته، قال‏:‏ فإِذا وصفته بصفة لو عرَّفتْه دنا من المفعول به لأَن فعلته نوعاً من أَنواع مختلفة خصصته بالتعريف، كقولك قلت قولاً

حسناً وقمت القيام الذي وَعَدْتك‏.‏

وصادِرٌ‏:‏ موضع؛ وكذلك بُرْقَةُ صادر؛ قال النابغة‏:‏

لقدْ قلتُ للنُّعمان، حِينَ لَقِيتُه

يُريدُ بَنِي حُنٍّ بِبُرْقَةِ صادِرِ

وصادِرَة‏:‏ اسم سِدْرَة معروفة‏:‏ ومُصْدِرٌ‏:‏ من أَسماء جُمادَى الأُولى؛ قال ابن سيده‏:‏ أُراها عادِيَّة‏.‏

صرر‏:‏ الصِّرُّ، بالكسر، والصِّرَّةُ‏:‏ شدَّة البَرْدِ، وقيل‏:‏ هو البَرْد

عامَّة؛ حكِيَتِ الأَخيرة عن ثعلب‏.‏ وقال الليث‏:‏ الصِّرُّ البرد الذي يضرب

النَّبات ويحسِّنه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه نهى عما قتله الصِّرُّ من الجراد

أَي البَرْد‏.‏ ورِيحٌ وصَرْصَرٌ‏:‏ شديدة البَرْدِ، وقيل‏:‏ شديدة الصَّوْت‏.‏

الزجاج في قوله تعالى‏:‏ بِريحٍ صَرْصَرٍ؛ قال‏:‏ الصِّرُّ والصِّرَّة شدة

البرد، قال‏:‏ وصَرْصَرٌ متكرر فيها الراء، كما يقال‏:‏ قَلْقَلْتُ الشيء

وأَقْلَلْتُه إِذا رفعته من مكانه، وليس فيه دليل تكرير، وكذلك صَرْصَرَ وصَرَّ

وصَلْصَلَ وصَلَّ، إِذا سمعت صوْت الصَّرِيرِ غير مُكَرَّرٍ قلت‏:‏ صَرَّ

وصَلَّ، فإِذا أَردت أَن الصوت تَكَرَّر قلت‏:‏ قد صَلْصَلَ وصَرْصَرَ‏.‏ قال

الأَزهري‏:‏ وقوله‏:‏ بِريح صَرْصر؛ أَي شديد البَرْد جدّاً‏.‏ وقال ابن السكيت‏:‏ ريح صَرْصَرٌ فيه قولان‏:‏ يقال أَصلها صَرَّرٌ من الصِّرّ، وهو البَرْد، فأَبدلوا مكان الراءِ الوسطى فاء الفعل، كما قالوا تَجَفْجَفَ الثوبُ

وكَبْكَبُوا، وأَصله تجفَّف وكَبَّبُوا؛ ويقال هو من صَرير الباب ومن الصَّرَّة، وهي الضَّجَّة، قال عز وجل‏:‏ فَأَقْبَلَتِ امرأَتُه في صَرَّةٍ؛ قال

المفسرون‏:‏ في ضَجَّة وصَيْحَة؛ وقال امرؤ القيس‏:‏

جَوَاحِرُها في صَرَّة لم تَزَيَّلِ

فقيل‏:‏ في صَرَّة في جماعة لم تتفرَّق، يعني في تفسير البيت‏.‏ وقال ابن الأَنباري في قوله تعالى‏:‏ كَمَثَلِ رِيحٍ فيها صِرٌّ، قال‏:‏ فيها ثلاثة

أَقوال‏:‏ أَحدها فيها صِرٌّ أَي بَرْد، والثاني فيها تَصْوِيت وحَرَكة، وروي

عن ابن عباس قول آخر فيها صِرٌّ، قال‏:‏ فيها نار‏.‏

وصُرَّ النباتُ‏:‏ أَصابه الصِّرُّ‏.‏ وصَرَّ يَصِرُّ صَرّاً وصَرِيراً

وصَرْصَرَ‏:‏ صوَّت وصاح اشدَّ الصياح‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ فأَقبلتِ امرأَتُه في صَرَّة فصَكَّتْ وَجْهَها؛ قال الزجاج‏:‏ الصَّرَّة أَشدُّ الصياح تكون في الطائر والإِنسان وغيرهما؛ قال جرير يَرْثِي ابنه سَوادَة‏:‏

قَالُوا‏:‏ نَصِيبكَ من أَجْرٍ، فقلت لهم‏:‏

من لِلْعَرِينِ إِذا فارَقْتُ أَشْبالي‏؟‏

فارَقْتَني حِينَ كَفَّ الدهرُ من بَصَرِي، وحين صِرْتُ كعَظْم الرِّمَّة البالي

ذاكُمْ سَوادَةُ يَجْلُو مُقْلَتَيْ لَحِمٍ، بازٍ يُصَرْصِرُ فَوْقَ المَرْقَبِ العالي

وجاء في صَرَّةٍ، وجاء يَصْطَرُّ‏.‏ قال ثعلب‏:‏ قيل لامرأَة‏:‏ أَيُّ النساء

أَبغض إِليك‏؟‏ فقالت‏:‏ التي إِنْ صَخِبَتْ صَرْصَرَتْ‏.‏ وصَرَّ صِمَاخُهُ

صَرِيراً‏:‏ صَوَّت من العَطَش‏.‏ وصَرَصَرَ الطائرُ‏:‏ صَوَّت؛ وخصَّ بعضهم به البازِيَ والصَّقْر‏.‏ وفي حديث جعفر ابن محمد‏:‏ اطَّلَعَ عليَّ ابن الحسين

وأَنا أَنْتِفُ صَرّاً؛ هو عُصْفُور أَو طائر في قدِّه أَصْفَرُ اللَّوْن، سمِّي بصوْته‏.‏ يقال‏:‏ صَرَّ العُصْفُور يَصِرُّ إِذا صاح‏.‏ وصَرَّ

الجُنْدُب يَصِرُّ صَرِيراً وصَرَّ الباب يَصِرُّ‏.‏ وكل صوت شِبْهُ ذلك، فهو صَرِيرٌ إِذا امتدَّ، فإِذا كان فيه تخفيف وترجِيع في إِعادَة ضُوعِف، كقولك

صَرْصَرَ الأَخَطَبُ صَرْصَرَةً، كأَنهم قَدَّرُوا في صوْت الجُنْدُب

المَدّ، وفي صَوْت الأَخْطَب التَّرْجِيع فَحكَوْه على ذلك، وكذلك الصَّقْر

والبازي؛ وأَنشد الأَصمعي بَيْتَ جرير يَرْثِي ابنه سَوادَة‏:‏

بازٍ يُصَرْصِرُ فَوْقَ المَرْقَبِ العالي

ابن السكِّيت‏:‏ صَرَّ المَحْمِلُ يَصِرُّ صَرِيراً، والصَّقرُ

يُصَرْصِرُ صَرْصَرَةً؛ وصرَّت أُذُنِي صَريراً إذا سمعت لها دَوِيّاً‏.‏ وصَرَّ

القلمُ والباب يَصِرُّ صَرِيراً أَي صوَّت‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه كان يخطُب إِلى

حِذْعٍ ثم اتَّخَذ المِنْبَرَ فاضْطَرَّت السَّارِية؛ أَي صوَّتت

وحنَّت، وهو افْتَعَلَتْ من الصَّرِير، فقُلِبت التَّاء طاءً لأَجل

الصاد‏.‏ دِرْهَمٌ صَرِّيٌّ وصِرِّيٌّ‏:‏ له صوْت وصَرِيرٌ إِذا نُقِرَ، وكذلك

الدِّينار، وخصَّ بعضهم به الجَحْدَ ولم يستعمله فيما سواه‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏

ما لفلان صِرُّ أَي ما عنده درْهم ولا دينار، يقال ذلك في النَّفْي خاصة‏.‏

وقال خالد بن جَنبَة‏:‏ يقال للدِّرْهم صَرِّيٌّ، وما ترك صَرِّياً إِلاَّ

قَبَضه، ولم يثنِّه ولم يجمعه‏.‏

والصَّرِّةُ‏:‏ الضَّجَّة والصَّيْحَةُ‏.‏ والصَّرُّ‏:‏ الصِّياح والجَلَبة‏.‏

والصَّرَّة‏:‏ الجماعة‏.‏ والصَّرَّة‏:‏ الشِّدة من الكْرب والحرْب وغيرهما؛ وقد

فسر قول امرئ القيس‏:‏

فأَلْحَقَنَا بالهَادِياتِ، ودُونَهُ

جَواحِرُها، في صَرَّةٍ لم تَزَيَّلِ

فُسِّرَ بالجماعة وبالشدَّة من الكرْب، وقيل في تفسيره‏:‏ يحتمل الوجوه

الثلاثة المتقدِّمة قبله‏.‏ وصَرَّة القَيْظِ‏:‏ شدَّته وشدَّةُ حَرِّه‏.‏

والصَّرَّة‏:‏ العَطْفة‏.‏ والصَّارَّة‏:‏ العَطَشُ، وجمعه صَرَائِرُ نادر؛ قال ذو

الرمة‏:‏

فانْصاعَت الحُقْبُ لم تَقْصَعْ صَرائِرَها، وقد نَشَحْنَ، فلا ريٌّ ولا هِيمُ

ابن الأَعرابي‏:‏ صَرِّ يَصِرُّ إِذا عَطِشَ وصَرَّ يَصُرُّ إِذا جَمَعَ‏.‏

ويقال‏:‏ قَصَعَ الحِمار صارَّته إِذا شرب الماء فذهَب عَطَشه، وجمعُها

صَرائِر، وأَنشد بيت ذي الرمة

أَيضاً‏:‏ «لم تَقْصَعْ صَرائِرَها» قال‏:‏ وعِيب ذلك على أَبي عمرو، وقيل‏:‏

إِنما الصَّرائرُ جمع صَرِيرة، قال‏:‏ وأَما الصَّارَّةُ فجمعها صَوارّ‏.‏

والصِّرار‏:‏ الخيط الذي تُشَدُّ به التَّوادِي على أَطراف الناقة

وتُذَيَّرُ الأَطباءُ بالبَعَر الرَّطْب لئلاَّ يُؤَثِّرَ الصِّرارُ فيها‏.‏

الجوهري‏:‏ وصَرَرْتُ الناقة شددت عليها الصِّرار، وهو خيط يُشَدُّ فوق الخِلْف

لِئلاَّ يرضعَها ولدها‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لا يَحِلُّ لرجل يُؤمن بالله واليوم

الآخر أَن يَحُلَّ صِرَارَ ناقةٍ بغير إِذْنِ صاحبها فإِنه خاتَمُ

أَهْلِها‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ من عادة العرب أَن تَصُرَّ ضُرُوعَ الحَلُوبات إِذا

أَرسلوها إِلى المَرْعَى سارِحَة، ويسمُّون ذلك الرِّباطَ صِراراً، فإِذا راحَتْ عَشِيّاً حُلَّت تلك الأَصِرَّة وحُلِبَتْ، فهي مَصْرُورة

ومُصَرَّرة؛ ومنه حديث مالك بن نُوَيْرَةَ حين جَمَعَ بَنُو يَرْبُوَع

صَدَقاتهم ليُوَجِّهوا بها إِلى أَبي بكر، رضي الله عنه، فمنعَهم من ذلك وقال‏:‏

وقُلْتُ‏:‏ خُذُوها هذِه صَدَقاتكُمْ

مُصَرَّرَة أَخلافها لم تُحَرَّدِ

سأَجْعَلُ نفسي دُونَ ما تَحْذَرُونه، وأَرْهَنُكُمْ يَوْماً بما قُلْتُهُ يَدِي

قال‏:‏ وعلى هذا المعنى تأَوَّلُوا قولَ الشافعي فيما ذَهب إِليه من أَمْرِ المُصَرَّاة‏.‏ وصَرَّ الناقة يَصُرُّها صَرّاً وصَرَّ بها‏:‏ شدَّ

ضَرْعَها‏.‏ والصِّرارُ‏:‏ ما يُشدُّ به، والجمع أَصِرَّة؛ قال‏:‏

إِذا اللَّقاح غَدَتْ مُلْقًى أَصِرَّتُها، ولا كَريمَ من الوِلْدانِ مَصْبُوحُ

ورَدَّ جازِرُهُمْ حَرْفاً مُصَرَّمَةً، في الرأْس منها وفي الأَصْلاد تَمْلِيحُ

ورواية سيبويه في ذلك‏:‏

ورَدْ جازِرُهُمْ حَرْفاً مُصَرَّمة، ولا كريمَ من الوِلْدَان مَصْبُوح

والصَّرَّةُ‏:‏ الشاة المُضَرَّاة‏.‏ والمُصَرَّاة‏:‏ المُحَفَّلَة على تحويل

التضعيف‏.‏ وناقةٌ مُصِرَّةٌ‏:‏ لا تَدِرُّ؛ قال أُسامة الهذلي‏:‏

أَقرَّتْ على حُولٍ عَسُوس مُصِرَّة، ورَاهَقَ أَخْلافَ السَّدِيسِ بُزُِولُها

والصُّرَّة‏:‏ شَرَجْ الدَّراهم والدنانير، وقد صَرَّها صَرّاً‏.‏ غيره‏:‏

الصُّرَّة صُرَّة الدراهم وغيرها معروفة‏.‏ وصَرَرْت الصُّرَّة‏:‏ شددتها‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه قال لجبريل، عليه السلام‏:‏ تأْتِيني وأَنت صارٌّ بين

عَيْنَيْك؛ أَي مُقَبِّض جامعٌ بينهما كما يفعل الحَزِين‏.‏ وأَصل الصَّرِّ‏:‏ الجمع

والشدُّ‏.‏ وفي حديث عمران بن حصين‏:‏ تَكاد تَنْصَرُّ من المِلْءِ، كأَنه من صَرَرْته إِذا شَدَدْته؛ قال ابن الأَثير‏:‏ كذا جاء في بعض الطرق، والمعروف تنضرج أَي تنشقُّ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه قال لِخَصْمَيْنِ تقدَّما إِليه‏:‏

أَخرِجا ما تُصَرّرانه من الكلام، أَي ما تُجَمِّعانِه في صُدُوركما‏.‏

وكلُّ شيء جمعته، فقد، صَرَرْته؛ ومنه قيل للأَسير‏:‏ مَصْرُور لأَن يَدَيْه

جُمِعتَا إِلى عُنقه؛ ولمَّا بعث عبدالله بن عامر إِلى ابن عمر بأَسيرِ قد

جُمعت يداه إِلى عُنقه لِيَقْتُلَه قال‏:‏ أَمَّا وهو مَصْرُورٌ فَلا‏.‏

وصَرَّ الفرسُ والحمار بأُذُنِه يَصُرُّ صَرّاً وصَرَّها وأَصَرَّ بها‏:‏

سَوَّاها ونَصَبها لِلاستماع‏.‏ ابن السكيت‏:‏ يقال صَرَّ الفرس أُذنيه ضَمَّها

إِلى رأْسه، فإِذا لم يُوقِعوا قالوا‏:‏ أَصَرَّ الفرس، بالأَلف، وذلك إِذا

جمع أُذنيه وعزم على الشَّدِّ؛ وفي حديث سَطِيح‏:‏

أَزْرَقُ مُهْمَى النَّابِ صَرَّارُ الأُذُنْ

صَرَّ أُذُنه وصَرَّرها أَي نَصَبها وسوَّاها؛ وجاءت الخيلُ مُصِرَّة

آذانها إِذا جَدَّت في السير‏.‏ ابن شميل‏:‏ أَصَرَّ الزرعُ إِصراراً إِذا

خَرَج أَطراف السَّفاءِ قبل أَن يخلُص سنبله، فإِذا خَلُص سُنْبُلُه قيل‏:‏ قد

أَسْبَل؛ وقال قي موضع آخر‏:‏ يكون الزرع صَرَراً حين يَلْتَوي الورَق

ويَيْبَس طرَف السُّنْبُل، وإِن لم يخرُج فيه القَمْح‏.‏ والصَّرَر‏:‏ السُّنْبُل

بعدما يُقَصِّب وقبل أَن يظهر؛ وقال أَبو حنيفة‏:‏ هو السُّنْبُل ما لم يخرج فيه القمح، واحدته صَرَرَة، وقد أَصَرَّ‏.‏ وأَصَرَّ يعْدُو إِذا أَسرع

بعض الإِسراع، ورواه أَبو عبيد أَضَرَّ، بالضاد، وزعم الطوسي أَنه تصحيف‏.‏

وأَصَرَّ على الأَمر‏:‏ عَزَم‏.‏

وهو مني صِرِّي وأَصِرِّي وصِرَّي وأَصِرَّي وصُرَّي وصُرَّى أَي

عَزِيمة وجِدُّ‏.‏ وقال أَبو زيد‏:‏ إِنها مِنِّي لأَصِرِّي أَي لحَقِيقَة؛ وأَنشد

أَبو مالك‏:‏

قد عَلِمَتْ ذاتُ الثَّنايا الغُرِّ، أَن النَّدَى مِنْ شِيمَتي أَصِرِّي

أَي حَقِيقة‏.‏ وقال أَبو السَّمَّال الأَسَدِي حين ضلَّت ناقته‏:‏ اللهم

إِن لم تردَّها عَلَيَّ فلم أُصَلِّ لك صلاةً، فوجَدَها عن قريب فقال‏:‏

عَلِمَ الله أَنها مِنِّي صِرَّى أَي عَزْم عليه‏.‏ وقال ابن السكيت‏:‏ إِنها

عَزِيمة مَحْتُومة، قال‏:‏ وهي مشتقة من أَصْرَرْت على الشيء إِذا أَقمتَ

ودُمْت عليه؛ ومنه قوله تعالى‏:‏ ولم يُصِرُّوا على ما فَعَلُوا وهم

يَعْلَمُون‏.‏ وقال أَبو الهيثم‏:‏ أَصِرَّى أَي اعْزِمِي، كأَنه يُخاطِب نفسَه، من قولك‏:‏ أَصَرَّ على فعله يُصِرُّ إِصْراراً إِذا عَزَم على أَن يمضي فيه ولا

يرجِع‏.‏ وفي الصحاح‏:‏ قال أَبو سَمَّال الأَسَدِي وقد ضَلَّت ناقتُه‏:‏

أَيْمُنُكَ لَئِنْ لم تَرُدَّها عَلَيَّ لا عَبَدْتُك فأَصاب ناقتَه وقد

تعلَّق زِمامُها بِعَوْسَجَةٍ فأَحذها وقال‏:‏ عَلِمَ رَبِّي أَنَّها مِنِّي

صِرَّي‏.‏ وقد يقال‏:‏ كانت هذه الفَعْلَة مِنِّي أَصِرِّي أَي عَزِيمة، ثم جعلت الياء أَلفاً، كما قالوا‏:‏ بأَبي أَنت، وبأَبا أَنت؛ وكذلك صِرِّي

وصِرِّي على أَن يُحذف الأَلفُ من إِصِرِّي لا على أَنها لغة صَرَرْتُ على

الشيء وأَصْرَرْتُ‏.‏ وقال الفراء‏:‏ الأَصل في قولهم كانت مِنِّي صِرِّي

وأَصِرِّي أَي أَمر، فلما أَرادوا أَن يُغَيِّرُوه عن مذهب الفعل حَوَّلُوا

ياءه أَلفاً فقالوا‏:‏ صِرَّى وأَصِرَّى، كما قالوا‏:‏ نُهِيَ عن قِيَلٍَ

وقَالٍَ، وقال‏:‏ أُخْرِجَتا من نِيَّةِ الفعل إِلى الأَسماء‏.‏ قال‏:‏ وسمعت العرب

تقول أَعْيَيْتَني من شُبَّ إِلى دُبَّ، ويخفض فيقال‏:‏ من شُبٍّ إِلى

دُبٍّ؛ ومعناه فَعَل ذلك مُذْ كان صغيراً إِلى أَنْ دَبَّ كبيراً وأَصَرَّ على

الذنب لم يُقْلِعْ عنه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ما أَصَرَّ من استغفر‏.‏ أَصرَّ على

الشيء يَصِرُّ إِصْراراً إِذا لزمه ودَاوَمه وثبت عليه، وأَكثر ما يستعمل

في الشرِّ والذنوب، يعني من أَتبع الذنب الاستغفار فليس بِمُصِرٍّ عليه

وإِن تكرَّر منه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ويلٌ لِلْمُصِرِّين الذين يُصِرُّون على ما

فعلوه وهعم يعلمون‏.‏ وصخرة صَرَّاء‏:‏ مَلْساء‏.‏

ورجلٌ صَرُورٌ وصَرُورَة‏:‏ لم يَحُجَّ قَطُّ، وهو المعروف في الكلام، وأَصله من الصَّرِّ الحبسِ والمنعِ، وقد قالوا في الكلام في هذا المعنى‏:‏

صَرُويٌّ وصَارُورِيُّ، فإِذا قلت ذلك ثَنَّيت وجمعت وأَنَّثْت؛ وقال ابن الأَعرابي‏:‏ كل ذلك من أَوله إِلى آخره مثنَّى مجموع، كانت فيه ياء النسب

أَو لم تكن، وقيل‏:‏ رجل صَارُورَة وصارُورٌ لم يَحُجَّ، وقيل‏:‏ لم يتزوَّج، الواحد والجمع في ذلك سواء، وكذلك المؤنث‏.‏

والصَّرُورة في شعر النَّابِغة‏:‏ الذي لم يأْت النساء كأَنه أَصَرَّ على

تركهنَّ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لا صَرُورَة في الإسلام‏.‏ وقال اللحياني‏:‏ رجل

صَرُورَة لا يقال إِلا بالهاء؛ قال ابن جني‏:‏ رجل صَرُورَة وامرأَة صرورة، ليست

الهاء لتأْنيث الموصوف بما هي فيه قد لحقت لإِعْلام السامع أَن هذا

الموصوف بما هي فيه وإنما بلغ الغاية والنهاية، فجعل تأْنيث الصفة أَمارَةً

لما أُريد من تأْنيث الغاية والمبالغة‏.‏ قال الفراء عن بعض العرب‏:‏ قال رأَيت

أَقواماً صَرَاراً، بالفتح، واحدُهم صَرَارَة، وقال بعضهم‏:‏ قوم

صَوَارِيرُ جمع صَارُورَة، وقال ومن قال صَرُورِيُّ وصَارُورِيٌّ ثنَّى وجمع

وأَنَّث، وفسَّر أَبو عبيد قوله، صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا صَرُوْرَة في الإِسلام؛ بأَنه التَّبَتُّل وتَرْكَ النكاح، فجعله اسماً للحَدَثِ؛ يقول‏:‏ ليس

ينبغي لأَحد أَن يقول لا أَتزوج، يقول‏:‏ هذا ليس من أَخلاق المسلمين وهذا

فعل الرُّهبْان؛ وهو معروف في كلام العرب؛ ومنه قول النابغة‏:‏

لَوْ أَنَّها عَرَضَتْ لأَشْمَطَ راهِبٍ، عَبَدَ الإِلهَ، صَرُورَةٍ مُتَعَبِّدِ

يعني الراهب الذي قد ترك النساء‏.‏ وقال ابن الأَثير في تفسير هذا الحديث‏:‏

وقيل أَراد من قَتَل في الحرم قُتِلَ، ولا يقبَل منه أَن يقول‏:‏ إِني

صَرُورَة ما حَجَجْت ولا عرفت حُرْمة الحَرَم‏.‏ قال‏:‏ وكان الرجل في الجاهلية

إِذا أَحدث حَدَثاً ولَجَأَ إِلى الكعبة لم يُهَجْ، فكان إِذا لِقيَه

وليُّ الدَّمِ في الحَرَمِ قيل له‏:‏ هو صَرُورةٌ ولا تَهِجْه‏.‏

وحافرٌ مَصْرُورٌ ومُصْطَرٌّ‏:‏ ضَيِّق مُتَقَبِّض‏.‏ والأَرَحُّ‏:‏

العَرِيضُ، وكلاهما عيب؛ وأَنشد‏:‏

لا رَحَحٌ فيه ولا اصْطِرارُ

وقال أَبو عبيد‏:‏ اصْطَرَّ الحافِرُ اصْطِراراً إِذا كان فاحِشَ

الضِّيقِ؛ وأَنشد لأَبي النجم العجلي‏:‏

بِكلِّ وَأْبِ للحَصَى رَضَّاحِ، لَيْسَ بِمُصْطَرٍّ ولا فِرْشاحِ

أَي بكل حافِرٍ وأْبٍ مُقَعَّبٍ يَحْفِرُ الحَصَى لقوَّته ليس بضَيِّق

وهو المُصْطَرُّ، ولا بِفِرْشاحٍ وهو الواسع الزائد على المعروف‏.‏

والصَّارَّةُ‏:‏ الحاجةُ‏.‏ قال أَبو عبيد‏:‏ لَنا قِبَلَه صارَّةٌ، وجمعها

صَوارُّ، وهي الحاجة‏.‏

وشرب حتى ملأَ مصارَّه أَي أَمْعاءَه؛ حكاه أَبو حنيفة عن ابن الأَعرابي

ولم يفسره بأَكثر من ذلك‏.‏

والصَّرارةُ‏:‏ نهر يأْخذ من الفُراتِ‏.‏ والصَّرارِيُّ‏:‏ المَلاَّحُ؛ قال

القطامي‏:‏

في ذي جُلُولٍ يِقَضِّي المَوْتَ صاحِبُه، إِذا الصَّرارِيُّ مِنْ أَهْوالِه ارْتَسَما

أَي كَبَّرَ، والجمع صرارِيُّونَ ولا يُكَسَّرُ؛ قال العجاج‏:‏

جَذْبَ الصَّرارِيِّينَ بالكُرُورِ

ويقال للمَلاَّح‏:‏ الصَّارِي مثل القاضِي، وسنذكره في المعتلّ‏.‏ قال ابن بري‏:‏ كان حَقُّ صرارِيّ أَن يذكر في فصل صَري المعتلّ اللام لأَن الواحد

عندهم صارٍ، وجمعه صُرّاء وجمع صُرّاءٍ صَرارِيُّ؛ قال‏:‏ وقد ذكر الجوهري

في فصل صري أَنّ الصارِيّ المَلاَّحُ، وجمعه صُرّاءٌ‏.‏ قال ابن دريد‏:‏ ويقال

للملاح صارٍ، والجمع صُرّاء، وكان أَبو علي يقول‏:‏ صُرّاءٌ واحد مثل

حُسَّانٍ للحَسَنِ، وجمعه صَرارِيُّ؛ واحتج بقول الفرزدق‏:‏

أَشارِبُ خَمْرةٍ، وخَدينُ زِيرٍ، وصُرّاءٌ، لفَسْوَتِه بُخَار‏؟‏

قال‏:‏ ولا حجة لأَبي عليّ في هذا البيت لأَن الصَّرَارِيّ الذي هو عنده

جمع بدليل قول المسيب بن عَلَس يصف غائصاً أَصاب درة، وهو‏:‏

وتَرَى الصَّرارِي يَسْجُدُونَ لها، ويَضُمُّها بَيَدَيْهِ للنَّحْرِ

وقد استعمله الفرزدق للواحد فقال‏:‏

تَرَى الصَّرارِيَّ والأَمْواجُ تَضْرِبُه، لَوْ يَسْتَطِيعُ إِلى بَرِّيّةٍ عَبَرا

وكذلك قول خلف بن جميل الطهوي‏:‏

تَرَى الصَّرارِيَّ في غَبْرَاءَ مُظْلِمةٍ

تَعْلُوه طَوْراً، ويَعْلُو فَوْقَها تِيَرَا

قال‏:‏ ولهذا السبب جعل الجوهري الصَّرارِيَّ واحداً لما رآه في أَشعاره

العرب يخبر عنه كما يخبر عن الواحد الذي هو الصَّارِي، فظن أَن الياء فيه

للنسبة كلأَنه منسوب إِلى صَرارٍ مثل حَواريّ منسوب إِلى حوارٍ، وحَوارِيُّ الرجل‏:‏ خاصَّتُه، وهو واحد لا جَمْعٌ، ويدلك على أَنَّ الجوهري لَحَظَ

هذا المعنى كونُه جعله في فصل صرر، فلو لم تكن الياء للنسب عنده لم يدخله في هذا الفصل، قال‏:‏ وصواب إِنشاد بيت العجاج‏:‏ جَذْبُ برفع الباء لأَنه

فاعل لفعل في بيت قبله، وهو لأْياً يُثانِيهِ، عَنِ الحُؤُورِ، جَذْبُ الصَّرارِيِّينَ بالكُرُورِ

اللأْيُ‏:‏ البُطْءُ، أَي بَعْدَ بُطْءٍ أَي يَثْني هذا القُرْقُورَ عن

الحُؤُور جَذْبُ المَلاَّحينَ بالكُرُورِ، والكُرورُ جمع كَرٍّ، وهو حبْلُ

السَّفِينة الذي يكون في الشَّراعِ قال‏:‏ وقال ابن حمزة‏:‏ واحدها كُرّ بضم

الكاف لا غير‏.‏

والصَّرُّ‏:‏ الدَّلْوُ تَسْتَرْخِي فَتُصَرُّ أَي تُشَدّ وتْسْمَع

بالمِسْمَعِ، وهي عروة في داخل الدلو بإِزائها عروة أُخرى؛ وأَنشد في ذلك‏:‏إِنْ كانتِ آمَّا امَّصَرَتْ فَصُرَّها، إِنَّ امِّصارَ الدَّلْوِ لا يَضُرُّها

والصَّرَّةُ‏:‏ تَقْطِيبُ الوَجْهِ من الكَراهة‏.‏

والصِّرارُ‏:‏ الأَماكِنُ المرْتَفِعَةُ لا يعلوها الماء‏.‏

وصِرارٌ‏:‏ اسم جبل؛ وقال جرير‏:‏

إِنَّ الفَرَزْدَقَ لا يُزايِلُ لُؤْمَه، حتى يَزُولَ عَنِ الطَّرِيقِ صِرارُ

وفي الحديث‏:‏ حتى أَتينا صِراراً؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هي بئر قديمة على

ثلاثة أَميال من المدينة من طريق العِراقِ، وقيل‏:‏ موضع‏.‏

ويقال‏:‏ صارَّه على الشيء أَكرهه‏.‏

والصَّرَّةُ، بفتح الصاد‏:‏ خرزة تُؤَخِّذُ بها النساءُ الرجالَ؛ هذه عن

اللحياني‏.‏

وصَرَّرَتِ الناقةُ‏:‏ تقدَّمتْ؛ عن أَبي ليلى؛ قال ذو الرمة‏:‏

إِذا ما تأَرَّتنا المَراسِيلُ، صَرَّرَتْ

أَبُوض النَّسَا قَوَّادة أَيْنُقَ الرَّكْبِ‏.‏

وصِرِّينُ‏:‏ موضع؛ قال الأَخطل‏:‏

إِلى هاجِسٍ مِنْ آل ظَمْياءَ، والتي

أَتى دُونها بابٌ بِصِرِّين مُقْفَلُ

والصَّرْصَرُ والصُّرْصُرُ والصُّرْصُور مثل الجُرْجور‏:‏ وهي العِظام من الإِبل‏.‏ والصُّرْصُورُ‏:‏ البُخْتِيُّ من الإِبل أَو ولده، والسين لغة‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الصُّرْصُور الفَحْل النَّجِيب من الإِبل‏.‏ ويقال للسَّفِينة‏:‏

القُرْقور والصُّرْصور‏.‏

والصَّرْصَرانِيَّة من الإِبل‏:‏ التي بين البَخاتيِّ والعِراب، وقيل‏:‏ هي

الفَوالِجُ‏.‏ والصَّرْصَرانُ‏:‏ إِبِل نَبَطِيَّة يقال لها

الصَّرْصَرانِيَّات‏.‏ الجوهري‏:‏ الصَّرْصَرانِيُّ واحدُ الصَّرْصَرانِيَّات، وهي الإِل بين

البَخاتيّ والعِراب‏.‏ والصَّرْصَرانُ والصَّرْصَرانيُّ‏:‏ ضرب من سَمَك

البحر أَمْلَس الجِلْد ضَخْم؛ وأَنشد‏:‏

مَرَّتْ كظَهْرِ الصَّرْصَرانِ الأَدْخَنِ

والصَّرْصَرُ‏:‏ دُوَيْبَّة تحت الأَرض تَصِرُّ أَيام الربيع‏.‏ وصَرَّار

الليل‏:‏ الجُدْجُدُ، وهو أَكبرُ من الجنْدُب، وبعض العرب يُسَمِّيه

الصَّدَى‏.‏ وصَرْصَر‏:‏ اسم نهر بالعراق‏.‏ والصَّراصِرَةُ‏:‏ نَبَطُ الشام‏.‏

التهذيب في النوادر‏:‏ كَمْهَلْتُ المالَ كَمْهَلَة وحَبْكَرتُه حَبْكَرَة

ودَبْكَلْتُه دَبْكَلَةً وحَبْحَبْتُه وزَمْزَمْتُه زَمْزَمَةً

وصَرْصرتُه وكَرْكَرْتُه إِذا جمعتَه ورَدَدْت أَطراف ما انتَشَرَ منه، وكذلك

كَبْكَبْتُه‏.‏